لن نسمح للفوبيا بصناعة فرانكشتاين الإرهاب
جو 24 :
محرّر الشؤون المحليّة- يدرك الجميع تماماً حساسيّة المشهد الأمني في ظلّ ما تشهده المنطقة من أحداث دمويّة مؤسفة. الأردن تأثّر بتداعيات ما يدور في الإقليم، ولكن يد الإرهاب لن تقدر على زعزعة ثقة الأردنيّين، فتراصّ أبناء هذا البلد وتلاحمهم تضمنان الأمن والاستقرار وتجاوز هذه المرحلة الحرجة، التي يعاني منها الإقليم برمّته.
ومن الطبيعي أن تتأهّب كافّة الأجهزة الأمنيّة لرصد أيّ احتمال لوقوع مكروه، وأن تتابع كلّ ما يثير الشبهات، وتنزل أقسى وأشدّ العقوبات على كلّ من يثبت تورّطه بأجندة خبيثة.. ولكن..
الأصل في متابعة القضايا الأمنية، الرصد والتحقيق والحصول على أدلّة دامغة، تثبت تورّط المشتبه بهم بجرمهم، ولا ينبغي أن تصل حالة التأهّب على درجة تتّخذ فيها الإجراءات استناداً على الظنون. مرعب أن تهيمن الفوبيا على المشهد، ويصبح كلّ مواطن متّهم حتّى تثبت براءته.
كثيرون ممّن تخلّوا عن ضمائرهم وباعوا أرواحهم للشيطان، قد يتّهمونك بالإرهاب، أو يقومون بتقديم بلاغات كيديّة بحقّ اخرين، بدافع الانتقام ووجود بعض الخلافات. ترى، كيف ستتعامل الأجهزة المختصّة مع مثل هذه الحالات؟
تصوّر، في هذه المرحلة بالغة الحساسيّة، كيف سيكون وضع متّهم وهو في إحدى الزنازين؟ ماذا لو كان بريئاً؟ هل يجوز أن تحتجز حريته ويتعرض للايذاء النفسي وربما الجسدي (وهذا غير مقبول من حيث المبدأ في كل الحالات) قبل إثبات براءته؟ ترى، ما هي البروتوكولات التي يتمّ الاستناد إليها في التعامل مع الحالات المشتبه بها.
لنتخيّل السيناريو التالي: أن تصبح الظنون هي سيّدة الموقف، وينظر إلى كلّ مواطن على أنّه إرهابي محتمل، وأن يجري التعامل مع الناس على افتراضات أو بلاغات ، ويتعرّض البعض لأقسى صنوف الايذاء النفسي والجسدي في المعتقلات والسجون.. هذا السيناريو الافتراضي لن يقود الا لنتيجة واحدة وهي : صنع فرانكشتاين الإرهاب.
في الغرب النزق، كان مجرّد اتّهام أحدهم بالانتماء إلى الفكر الشيوعي، مجرّد تهمة، كانت تكفي لإذاقته شتّى ألوان العذاب، وخلال الحرب العالميّة الثانية وبعدها، كان لون البشرة سبباً لقتل صاحبها. واليوم مع تنامي ظاهرة الاسلاموفوبيا، أصبحت الملامح العربيّة سبباً للتعرّض للاعتداء والتمييز، بل والقتل في كثير من الحالات، ما أدّى إلى تنامي ظاهرة الإرهاب في مدن العم سام والقارّة العجوز.
أمّا في مجتمعنا فالوضع مختلف، فنحن "عشائر وحمائل"، لا يوجد غريب أو آخر بيننا، وهذا ما سيفوّت أيّة فرصة للمتربّصين بأمننا واستقرارنا. لا نحتاج إلى السماح للخوف والشكّ بالتسرّب إلى قلوبنا، ولا لهيمنة الظنون على الرجاحة والمنطق. بتعاضّدنا وتلاحمنا نصون أمن الوطن. أمّا إذا "جاء فاسق بنبأ"، فيمكن تبيّنه بوسائل كثيرة، فإن بعض الظن إثم.