jo24_banner
jo24_banner

حماس مثل لجان القذافي الثورية

حمادة فراعنة
جو 24 : الذين يعتقدون أن الضفة مثل القطاع واهمون ، وقراءتهم السياسية عوجاء ، لا يروا إلا بعين واحدة ، غير مفتوحة على كامل المشهد السياسي الفلسطيني ، وتعكس عدم القدرة في تقييم الظروف الحسية لكل مكون من المكونات الفلسطينية المتعددة بتعدد الجغرافيا السياسية ، المهيمنة والدالة على إفرازات التنوع السياسي المفروض على الشعب الفلسطيني ، الذي تعرض للتبديد والأقتلاع والأنتهاء كشعب ، ولكنه واصل الحياة ، وإستعاد حضوره ، بفعل عوامل التحدي ، والتمسك بالبقاء ، وكاد أن ينجح في وضع نفسه على الخارطة السياسية ، بعد الأنتفاضة الأولى وإتفاق أوسلو ، وولادة السلطة الوطنية ، كمقدمة لقيام الدولة المستقلة ، ولكنه عاد وإنتكس من جديد ، بفعل عوامل ذاتية وفي طليعتها الأنقلاب والأنقسام وتمزيق الجسم والجغرافيا والسياسة الفلسطينية وحركتها الوطنية .

الفلسطينيون في مناطق 48 ، غيرهم عن فلسطينيي الضفة والقدس والقطاع ، وغيرهم عن فلسطينيي الشتات والمنافي ، وحتى أوضاع الفلسطينيين في مناطق الأحتلال الثانية عام 1967 ، تختلف ظروفهم عن بعضهم البعض ، فأهل القدس يعيشون ظروفاً تختلف عن أهل الضفة وكلاهما في القدس والضفة يختلفون عن ظروف أهل القطاع ، وهكذا هناك تنوع سياسي يحتاج لقيادة خلاقة وتنظيمات قادرة على لملمة الحالات الفلسطينية المتعددة وجعل فعلها ومصالحها تصب في مجرى واحد ، يستهدف التصدي للمشروع الأستعماري التوسعي الأسرائيلي وهزيمته وإنتزاع حقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة : حق المساواة في مناطق 48 وحق الأستقلال في مناطق 67 وحق اللاجئين في العودة .

ما جرى في قطاع غزة ، وإحتجاج النساء المناضلات " أخوات الرجال " على الأنقسام ، مطالبين بالوحدة كشعار وحياة وتطلع ، وما تعرضن له من ضرب وأذى وبهدلة على أيدي أجهزة حركة حماس القمعية ، يقدم صورة تفصيلية للشق الفلسطيني المكرر عن تجارب الأربعة المهزومين : لجان ثورية معمر القذافي و حزب علي عبد الله صالح وحزب حسني مبارك وحزب زين العابدين بن علي ، فقد حكم هؤلاء شعوبهم بالقمع والأدعاء بالوطنية والقومية وإستفردوا بالحكم وألغوا الأخر ونكلوا به ، وما تفعله حماس لا يقل سوءاً عن الأحزاب الأربعة التي حكمت تونس وليبيا ومصر واليمن ، إن لم يكن ما تفعله في قطاع غزة أسوأ مما فعلته تلك الأحزاب وقياداتها المهزومة ضد التعددية والديمقراطية وصناديق الأقتراع .

لا يحق لحركة حماس أن تدعي أن ماضيها الجهادي أفضل من ماضي معمر القذافي الذي طهّر ليبيا من القواعد الأميركية ، وحسني مبارك قاد مع السادات معركة أكتوبر لتحرير سيناء من الأسرائيليين ، وعلي عبد الله صالح وحّد اليمن ، وزين العابدين بن علي أبو العصرية والتقدم ، ومع ذلك ورغم إنجازاتهم الوطنية ضد الأستعمار والأحتلال ، وقعوا في الديكتاتورية والتسلط ، ووقفوا بصلابة ضد الأخر وضد الأحتكام لصناديق الأقتراع وضد التعددية والديمقراطية ، فهل حماس تختلف عن نضالات مبارك والقذافي وبن علي وعلي صالح القديمة ، وهل تختلف عن سلوكهم المشين في قمع شعوبهم ؟؟ .

قد تتباهى حماس أنها جاءت بفعل عاملين النضال أولاً وصناديق الأقتراع ثانياً ، وهذا صحيح ، ولكن ألم تأت حركة فتح أيضاً بفعل النضال والمبادرات أولاً وبفعل صناديق الأقتراع ثانياً ، وما دامت كذلك فلماذا صّوت أغلبية الفلسطينيين لصالح حماس عام 2006 مع أن أغلبيتهم صوتوا لصالح فتح عام 1996 ، السبب هو الأخطاء وسوء الأدارة ، وعلينا أن نتذكر أيضاً أن حماس وصلت إلى السلطة بفعل نزاهة الأنتخابات التي أشرفت عليها فتح وأجهزتها وسلّمت بنتائجها .

حماس ضد الأنتخابات وضد صناديق الأقتراع وضد التعددية ، ولذلك فهي نسخة مكررة سيئة عن أحزاب ولجان وإدارات معمر القذافي وعلي عبد الله صالح وحسني مبارك وزين العابدين بن علي الذين حكموا تونس وليبيا ومصر واليمن ، وها هي حماس تحكم قطاع غزة بنفس الأساليب والأدوات بل والأسواء منهم جميعاً .

h.faraneh@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news