اعتقال قورشة.. وحشية التعسف والاعتداء على القانون
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية- السلطة.. هي صلاحية يمنحها الشعب لأفراد اختاروا العمل في الحقل العام، لإدارة وتدبير شؤون الناس، ويتقاضون رواتبهم من الضرائب التي يدفعها العامة، وفقا لعقد اجتماعي يتوافق أطرافه على ما ورد فيه من بنود. أما التعسف، فهو قيام مجموعة من الأفراد بفرض سطوتهم على الناس، وسلبهم كرامتهم وحريتهم وأرزاقهم.
وعندما نتحدث عن الدولة، فالمفردة تقترن بأذهاننا بالسطة، وطبعاً ليس بالتعسف، لأن مفهوم الدولة يفترض عقدا اجتماعيا يحدد علاقة الناس بالفريق الذي اختار إدارة شؤونهم، وهنا ينبغي إدراك حقيقة لا جدل فيها: أن "القادة" هم في نهاية الأمر موظفين لخدمة الشعب. ولتحديد علاقة الأفراد فيما بينهم، وعلاقتهم بمديري شؤون الدولة، لا بدّ من وجود قانون، يحدّد الحقوق والواجبات للجميع.
والقانون لا يخضع لرغبات عشوائية، أو لغضبات نزقة، بل هو تشريع يرفض الاحتكام إلى كلّ ما خلا المنطق. وهنا تجدر الإشارة إلى نظام العقوبات، فعندما تقرر السلطة محاكمة أو معاقبة أحد رعاياها، فالأصل الاستناد إلى القانون، لتبرير هذا الإجراء.. ولكن..
مؤخرا اعتقلت الأجهزة الأمنية الأستاذ الجامعي أمجد قورشة، الذي مازال قابعاً في زنزانة انفراديّة دون تهمة محدّدة، وذلك بأمر من محكمة أمن الدولة. ترى، هل تعبّر هذه الحالة عن دولة قانون ومؤسّسات؟ أم عن سلطة تعسفيّة لا تخشى في الجور لومة لائم؟!
بالصرف النظر عن اتفاقك أو اختلافك مع أفكار وطروحات قورشة، ولكن ألا يعكس اعتقال مواطن أردني على هذا النحو، وسلبه حريته دون حتى توجيه تهمة، تعسّف وتغوّل مرعب على حقوق وكرامة أفراد المجتمع؟!
هل بات الأردن مساحة مباحة لأجهزة الأمن، بحيث يتاح لها التنكيل بالناس، واضطهادهم دون حسيب أو رقيب؟ أوليس الأصل أن الأجهزة الأمنية صنعت أساساً لخدمة الناس، فكيف حرفت الأمور عن مسارها الطبيعي، وباتت هذه الأجهزة مصدر قلق الشعب؟!
مادام الأردن دولة، تعترف بعدالة النظم الديمقراطية، وقائمة على اتفاق اجتماعي بين الناس والسلطة، فما هو مبرّر مثل هذه الممارسات، أم هل انعكست التعديلات الدستورية الأخيرة على البعد الاجتماعي، وأضحت السلطة تنظر إلى الشعب على أنّه فريسة مستباحة؟!
في دولة القانون والمؤسسات، لكل ذي حق حقه، والقانون هو سيد الموقف، فعندما تريد معاقبة أحدهم تحتاج لسند ومبرر قانوني لاحتجاز حريته، أما الاستهانة بالشعب إلى هذه الدرجة، واحتجاز حرية مواطن دون وجه حق، فهو اعتداء لا ينذر بأي خير، ومن يمنح ذاته حق اقتراف مثل هذه الممارسات، لا يستحق أن يتولى إدارة وتدبير شؤون الناس، فالدولة تستوجب سيادة القانون، أما وحشية التعسف فلا مكان لها في معادلة الحضارة.