الملقي والعريدي.. واقعة تكشف سياسة الحكومة في قتل طموح المجتهدين!
جو 24 :
أحمد الحراسيس - قلنا سابقا أن رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي لا يختلف كثيرا عن أسلافه، وإن كان الرجل أكثر قدرة على تمثيل دور الرئيس الشعبوي غير أن الحقيقة التي يلمسها المواطن من خلال قراراته تثبت العكس تماما..
الحديث هنا لا يتعلق بقرارات رفع الأسعار التي اتخذها الملقي وستنزل كالصاعقة نهاية العام الجاري على المواطنين، ولا بإلغاء الاعفاءات الجمركية والاعفاء من الرسوم المفروضة على مختلف القطاعات الاقتصادية، ولا بالقرار القادم المتعلق بتخفيض سقف الاعفاء الضريبي للأسر، بل هو منحصر بأمر الوظائف القيادية التي تكشف اعتقاد رؤساء الوزراء في الأردن بأن مؤسسات الدولة مزارع خاصة لهم يعينون فيها من يشاؤون ويبعدون عنها من لا يرغبون!
الحقيقة أن هنالك استخفافا كبيرا بمصائر الناس وحقوقهم وطموحاتهم فالمدير لا يُرقّى إلا إذا كان من نفس "العلبة" ومن يُرقّى منهم لا يطول أمد بقائه حتى يأتي أحد المسؤولين المعاد تدويرهم ويتخذ قرارا بإبعاده.. وهذا نابع من ايمان صاحب القرار -رئيس الوزراء- بعدم وجود جهة حقيقية تراقب عمله وتحكم قراراته، حتى تضخمت ذاته واعتقد أنه الحاكم بأمر الله والمنزّه عن أية مساءلة..
اليوم، سنتناول حالة رصدناها مؤخرا وتتمثل بانتهاء عقد المديرة التنفيذية لمؤسسة تطوير المشاريع الاقتصادية "جيدكو" هناء العريدي، وعدم التجديد لها بالرغم من كلّ المنجزات التي تحققت في عهدها، وبالرغم من كونها وصلت موقعها بعد أن تدرجت في وظيفتها منذ التحاقها بالمؤسسة وحتى وصولها إلى أعلى المراتب فيها.
العريدي هي إحدى بنات مؤسسة تطوير المشاريع الاقتصادية، وتدرجت في وظيفتها حتى تمّ الاعلان عن مسابقة وامتحان لشغل وظيفة مدير المؤسسة حيث تقدمت للامتحان ونجحت بشغل الموقع الشاغر عن جدارة واستحقاق.
وتمكنت المؤسسة في عهد العريدي من لعب دور أساسي بالنهوض بمعدلات النموّ وتحسين الاقتصادي الوطني، بالاضافة لإيجاد فرص عمل من خلال برامج محددة وتبنّي المشاريع المستحقة لدعم صندوق تنمية المحافظات، وتسهيل حصول المشاريع الصغيرة والمتوسطة على التمويل من خلال الأدوات التقليدية وغير التقليدية.
لكنّ الدكتور الملقي قابل كلّ انجازات العريدي بعدم التجديد لها، واصدار قرار بانهاء عقدها بالرغم من عدم وجود ما يستدعي ذلك -العقد انتهى اصلا بتاريخ 21 حزيران وقرار الحكومة صدر بتاريخ 26 حزيران- وكان لافتا أن الرئيس لم يلتقِ بالعريدي أبدا منذ تسلمه مهامه مطلع حزيران الماضي وحتى انتهاء عقدها واكتفى بالتوقيع على قرار اقالتها دون أن يدرس ملفها.. وأما الأغرب فكان موقف رئيس مجلس ادارة المؤسسة وهو نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وزير الصناعة والتجارة الدكتور جواد العناني، فهو لم يلتقِ بالعريدي أيضا لا وهي على رأس عملها ولا قبل تنسيبه بعدم التجديد لها..!
الواقع أن رئيس الوزراء مطالب باعلان معايير واضحة وشفافة لتقييم أداء الموظفين في الوظائف القيادية، كما أنه مطالب بإرفاق قرار تعيين أحدهم والاستغناء عن اخر بتبرير لاختيار هذا والاستغناء عن ذاك، وإلا فإنه سيظلّ مثار شكّ وريبة، وعليه أن يعلم بأن الإعلام سيظلّ يرصد ويراقب كلّ قراراته وسيسلّط الضوء على جميع الحالات التي تخللها ظلم لموظف مجتهد ونظيف.. تماما كما فعلنا سابقا وسنواصل فعله مع المعلمين والمدراء في وزارة التربية والتعليم الذين تم إحالتهم على التقاعد لأسباب تبدو بعيدة عن المهنية والحرفية.