إلى ناصر جودة: أقعد فأنت الطاعم الكاسي
جو 24 :
تامر خرمه- تخيّل لو أن الأردن دولة تعتمد كليّاً على ذاتها.. ولا تحتاج إلى مساعدة أحد، أو إلى أيّ قرض أو معونة خارجيّة؟
يمكنك أيضاً أن تتخيّل غياب كافّة الشركات الأجنبيّة عن الأراضي الأردنيّة، وحلول شركات ومصانع وطنيّة مكان الطامع القادم من الغرب.
أطلق العنان لمخيّلتك أكثر، كيف سيكون الحال إذا تعاملت الدولة الأردنيّة مع الوافد الأجنبيّ، بذات الطريقة التي تعامل فيها دول العالم "الأوّل" رعايا الأردن عندما ينوون السفر؟ يمكنك تصوّر طابور طويل من الأميركيين وهم -عبثاً- ينتظرون "الفيزا" على باب السفارة الأردنيّة في واشنطن.
ماذا لو كانت المملكة الأردنيّة الهاشميّة دولة معادية للغرب؟ وترتبط مصالحها بمصالح دول تحاول خلق عالم متعدّد الأقطاب، كروسيا الاتّحاديّة، على سبيل المثال لا الحصر؟
لم لا نحلّق أكثر في الخيال، ونتصوّر أن الأردن ألغى معاهدة السلام مع "اسرائيل"؟
وكيف سيبدو المشهد، إذا سعت دولة مسالمة كدولتنا إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، كما فعلت بعض جاراتنا، وفقاً لادّعاءات اليانكيز؟
أو مثلاً، ماذا إذا استنسخ الأردن تجربة سويسرا، المستمدّة من الحلم السوفياتي، وقام بتدريب وتسليح كافّة أفراد الشعب؟
كيف سيبدو الأمر، في حال وجود حكومة متصالحة مع ذاتها وشعبها، ومحبوبة من قبل الجماهير؟
وربّما سيكون جميلاً أن تتصوّر أردنا أخضرا، تعجز مصانع الإسمنت عن احتلال أراضيه.
وكيف سيكون الحال، لو قرّر الأردن -سعيا لتحقيق ما ذكر- الاندماج مع دولة أو دول عربيّة أخرى، مداعبة لحلم الوحدة ليس أكثر؟
طبعا كل ما ذكر ضرباً من ضروب الخيال العبثيّ، ولكن غياب هذه "الأمنيات" يعني أمراً واحداً ليس إلاً:
إن الأردن هو من يحقّق مصالح "المانح"، بل إنه هو من يغدق على "العالم المتحضّر" المعونات والمساعدات استراتيجيّة الأمد، عبر سياساته الداخليّة والخارجيّة على حدّ سواء.
لذا لم يكن وزير الخارجيّة، ناصر جودة، مجبراً على زيارة قبرص أو غيرها، ونقول له: "أقعد فأنت الطاعم الكاسي".