في انتقاد تصريحات معالي الرفيق خالد كلالدة
جو 24 :
تامر خرمه- بعد مغادرته لوزارة التنمية السياسية، أفرغ د. خالد كلالدة ما في جعبته من خبرة سياسيّة بهدف توظيفها لتلبية استحقاقات منصبه الجديد في الهيئة المستقلّة للانتخاب. الرجل يعمل -كما هو واضح- بكلّ ما أوتي من كدّ وقناعة بضرورة نجاح العمليّة الانتخابيّة، ووضع بصمة فارقة تسجّل له في قادمات الأيّام.
ولا تخفى على أحد درجة الأهميّة لهذه الانتخابات بالنسبة للأردن الرسمي، الذي نال مبالغ طائلة من الدول المانحة بهدف إجراء انتخابات نزيهة، تثبت للعالم نجاة الدولة من الاهتزازات التي عصفت بالإقليم، ونجاحها بضمان الاستقرار، بل وبوجود أفق سياسيّ فتح على مصراعيه لإحلال الإصلاح كإمكانيّة متحقّقة وملموسة.
بداية من الصعب المجادلة بأن إجراء انتخابات نيابيّة تشارك فيها كافّة القوى السياسيّة، حتّى المعارضة منها، هو دليل كاف على ترجمة الإصلاح المنشود إلى لغة يدركها غلابى الوطن وتستوعبها أمعاءهم الخاوية، فالمعضلة بالأساس تتّصل بالتحوّلات الاقتصاديّة- الاجتماعيّة التي تهدّد مستقبل البلاد، وتترك الباب مفتوحا على أسوأ الاحتمالات. ولكن لنقتدي بقادة الوطن ونتنكّر لتلك الحقيقة، كيّ نسلّط الضوء على هستيريا الانتخابات التي فرضت نفسها على الجميع، بسلطة الهوس الاستحواذي القهري.
وعودة على ذي بدء، يصرّ "معالي الرفيق"، خالد كلالدة، على إنجاح العمليّة الانتخابيّة، لقطف ثمار نجاحه في صياغة قانون يعترف له الذكاء بعبقريّته، وقدرته على تسويق أنموذج فريد لديمقراطيّة تضمن إقصاء قوّة سياسيّة -لا يحبّذ المراقب ذكر اسمها- ما عاد وجودها أمراً مرغوباً فيه، بعد أن داعبها طموح الشراكة ذات ربيع.
على أيّة حال، جميل هذا التفاني الذي يعكسه عمل الهيئة المستقلّة للانتخاب. المشهد يبدو في غاية الروعة، ويمكن لأيّ مسؤول أردنيّ تحدّي العالم بأسره عبر المراهنة على جهد الهيئة وكدّها، بل وبراعتها في طرح ما تشتهي من مجادلات بكافّة الأساليب النخبويّة والشعبويّة على حدّ سواء.. ولكن لنتمهّل قليلاً، أوليست هذه الهيئة مؤسّسة حدّدت الدولة وظيفتها ضمن إطار تقنيّ، يقتصر على مراقبة الانتخابات النيابيّة، وضمان نزاهتها؟
مادام الأمر كذلك، كيف يبرّر صاحبنا ورفيقنا -الذي نكنّ له كلّ الاحترام- لغة التخوين الواضحة في تصريحاته، والتشكيك بالانتماء الوطنيّ لكلّ من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات، لأسباب شتّى قد تتّفق أو تختلف معها. وهل حقّاً يعتقد د. خالد كلالدة أن الانتخابات المرتقبة "هتجيب الذيب من ديله.. وتشبّع كلّ جعان"، على حدّ تعبير الراحل أحمد فؤاد نجم؟!
الأصل أن دور الهيئة المستقلّة للانتخابات مقتصر على الجانب التقني، وأن لا يتجاوز المراقبة الحياديّة إلى أبعاد سياسيّة، فهذه القفزة المغامرة إلى خطاب الاستقطاب السياسيّ تضع علامة استفهام كبيرة حول "حياديّة" الهيئة، التي يحاول الكلالدة وضع بصمته التاريخيّة على نافذتها إلى المواطن المتعطّش لأيّ شكل يوحي بالتغيير.