فشل استدعاء مرشحي الحشوة يعرّي وجه البرلمان القادم
جو 24 :
تامر خرمه- مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المرتقبة، يلاحظ المراقب عجز كثير من المرشحين -ومن بينهم أسماء وازنة- عن تشكيل قوائمهم التي يفترض أن تخوض المعركة الانتخابية. بعضهم ذهب إلى أبعد الحدود، وفعل ما يستطيع ولا يستطيع، لإقناع آخرين بطرح أسمائهم ضمن قائمته كمرشحي "حشوة" يضمنون فوزه بالسباق الانتخابي، ولكن كلّ هذه الجهود تمّ إهدارها على ضفاف العبث.
أزمة تشكيل القوائم، ومحاولات إقناع "الحشوات" بتسجيل أسمائهم ضمن قوائم انتخابيّة، لم تفارق في طبيعتها مهزلة الكتل البرلمانيّة التي شهدها المجلس السابق، لاتزال مهيمنة على المشهد، رغم اقتراب موعد المعركة المنتظرة. هذا الواقع قد يهدّد بنسف العمليّة الانتخابيّة برمّتها، ومصادرة فرصة الدولة بإقناع العالم بقدرتها على تجاوز تحوّلات المنطقة، وتحقيق انفراج سياسيّ يحقّق نوعاً من الطمأنينة.
صحيح أنّ هنالك من نجح في تأليف قوائم مقنعة للرأي العام، بيد أن الغالبيّة سجّلوا إخفاقاً مشهوداً له في تأيف القوائم، ومن الواضع أن قانون الانتخاب الجديد عصيّ على فهم غالبيّة المرشّحين، ما سيفرز فشلاً ذريعاً لرئيس الهيئة المستقلّة للانتخاب، د. خالد كلالدة، في تولّي إدارة مرحلة ما بعد الحراك، لإقناع المراقب بنجاة الأردن من تداعيات الربيع العربي.
على أيّة حال، مازال الأردن الرسمي مصرّ على ضرورة إجراء الانتخابات المقبلة. مختلف القوى السياسيّة -حتّى المعارضة منها- اعتزمت خوض هذه الانتخابات. المشهد يوحي بعرس ديمقراطيّ ينتشل البلاد من حالة انغلاق الأفق السياسيّ، ولكنّ القانون المصاغ وفقاً لاعتبارات إقصائيّة، والحسابات التي يعرفها الجميع للناخب الأردني، ستحول دون إنجاح هذه الانتخابات.
مرشّحو "الحشوة" الذين قرّروا الانتفاع مرحليّاً عبر إدراج أسمائهم في قوائم لا صلة لها بأي نوع من التحالفات السياسيّة، سيفرزون نوّاباً لا يمكن أن يختلف أدائهم عن أداء أيّ من أعضاء البرلمانات المتعاقبة على العام 1989، ولكن المضحك في الأمر أنّه يمكنك المجادلة بوجود مجلس نيابيّ تمّ تأسيسه وفقا لقانون عصريّ وديمقراطيّ، بل وأكثر من هذا، سيضمّ المجلس المقبل شخصيّات وسمت بالمعارضة، ما سيعكس صورة وهميّةـ تدّعي خروج الأردن من عنق الزجاجة.
ولكن ما يستوجب التوقّف أمامه هو سبب هذا الفشل في تشكيل القوائم الانتخابيّة، وكذلك الإصرار الأعمى على ملئ القوائم بالحشوات. ترى هل وصل الإفلاس السياسي إلى درجة افتقاد القدرة على بناء التحالفات؟!
في خمسينيات القرن المنصرم كان الأردن أكثر قدرة على خلق حالة سياسيّة متميّزة، فكيف وصل ساستنا إلى هذا القاع؟! ما دام المرشّحون عاجزين عن تأليف القوائم لخوض الانتخابات، فهل يمكن التعويل عليهم بممارسة الدور الرقابي- التشريعي المنشود من نوّاب الشعب؟!