2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

اخرجوهم مع الاعتذار

د. حسن البراري
جو 24 : للجمعة الثانية على التوالي تسقط المقاربة الأمنية، فلم يؤد اعتقال شباب الطفيلة (ولا اعتقال الذين تظاهروا على الدوار الرابع مطالبين بالافراج عنهم) إلى خفض سقف الشعارات، ففي مسيرات الجمعة في أكثر من موقع ردد المشاركون في المسيرات هتافات بسقوف أعلى من قبل، ومع ذلك لا يوجد عاقل في الحكومة او في غيرها يمتلك الشجاعة الكافية ليعيد النظر في هذه السياسة غير المجدية .

الراهن أن الحكومة تورطت في اعتقال شباب الطفيلة ومن طالب بالافراج عنهم ولا تجد مخرجا يحفظ ماء وجهها، فهي لم تنجح في اخماد الحراكات واضعافها بعد اعتقالها لمفاتيح وقيادات هذه الحراكات ،كما لم تنجح في “تأديب” الناس وبقيت الشعارت والهتافات من نوع "خارق السقوف"، ولا تمتلك الحكومة في الوقت ذاته الجرأة على اعتقال كل الاردنيين الذين يهتفون بشعارات لا تروق لذوق المسؤولين!!

ولن أتفاجأ لو تدخل الملك لوضع حد للمهزلة التي يقوم بها عدد من المتنفذين بإسمه، وقد يضع الملك هؤلاء أمام موقف محرج لأنهم بتبنيهم مقاربة أججت الشارع إنما تحولوا الى عبء على النظام بدلا من أن يكونوا عونا له في مواجهة تحديات المرحلة وبخاصة بعد أن أفسدت الحكومات "فرصة" الربيع العربي التي تحدث عنها الملك للاعلام الغربي مرارا وتكرارا .

في لقاء جمعني قبل أيام قليلة مع أحد المسؤولين في الدولة الأردنية، اصر المسؤول بأن اخراج احرار الطفيلة ومعتقلي الرابع سيشجع الآخرين على التطاول على الملك، وأخبرني المسؤول بأن الحكومة والاجهزة الأمنية في حيرة من امرها في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة. وعندما سألته كيف يمكن الإبقاء عليهم محتجزين دون محاكمة أن يغير من سلوك الناس، لم يكن لديه جواب سوى أن المطلوب تلقين هؤلاء درسا أو ربما تأديبهم أو تقديم ضمانات لكي لا تتكرر مثل هذه الشعارات.

لقد تناسى هذا المسؤول أن لغة تأديب الناس أو تلقينهم درسا هي جوهر ما يفعله النظام السوري وليس الأردني، فالملك يعلّم غيره من الرؤساء ضرورة احترام الشعب، وما زالت كلمات الملك التي وجهها للأسد عالقة في ذهني، فيكف يستقيم الأمر إذن؟! أيفهم هؤلاء المسؤولون أنهم لا يخدمون الملك بهذه الطريقة ولا يخدمون الأردن؟! أشك في ذلك!

الأردنيون وإن رفعوا من سقف شعاراتهم لا يستهدفون الملك وإنما يسعون لتغيير السياسيات الخاطئة الناتجة عن تفشي الفساد وغياب الاصلاح، والملك في كل موقع ولقاء مع الاعلام الغربي يؤكد أنه مع الاصلاح، وانتقد الملك في لقاء مع فريد زكريا مواقف النخب الحاكمة ومحاولاتها احباط الاصلاح، فمن نصدق؟!

الذين ضربوا احرار الطفيلة "دفاعا" عن الملك انما يدافعون عن سياساتهم وهم أبعد الناس عن الاصلاح ولا يؤمنون به بل على العكس تماما يعرفون انهم سيتضررون منه وربما سيخسرون مواقعهم وسيحاسبون وسيسألون يومئذ عن النعيم ، فجلهم لن يبقى في موقعه لو أنجز الأردن الاصلاح .

باختصار المطلوب الاعتذار للأردنيين عن سنوات العذاب والاخفاق في السياسات وليس المطلوب تاديب الناس لأنه يبدو لي من الصعوبة بمكان تدجين الأردنيين الذين يؤمنون بهذا البلد وقدموا الغالي والنفيس لرفعته في حين ما زال الفسدة ينعمون بفسادهم، اعتذروا لأحرار الطفيلة وأقيلوا مسؤولين أمنيين وحكوميين أن اقتضت الضرورة حتى تستعيدوا خطوطكم الحمراء .

تابعو الأردن 24 على google news