jo24_banner
jo24_banner

عجز الحكومة وسيناريوهات المرحلة المقبلة في الأردن

د. حسن البراري
جو 24 : صعق الشارع الاردني من قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات وخرج الاردنيون بشكل عفوي في كثير من الاحيان للشارع للتعبير عن سخطهم على قرار الحكومة التي فشلت حملة علاقاتها العامة - التي ترأسها رئيس الوزراء عبدالله النسور شخصيا- في اقناع الاردنيين من أن هذا القرار كان الخيار الوحيد امام الحكومة التي لم تجرؤ على البحث في بدائل اقتصادية اخرى متاحة.

وبالفعل شهدت مدن المملكة المختلفة موجة احتجاجات واسعة اخذ جزء منها طابع العنف وحرق الاطارات واغلاق الطرق والاعتداء على الممتلكات العامة، واللافت ان بيت رئيس الحكومة في مسقط رأسه مدينة السلط تعرض للاعتداء.

الاخفاق الاقتصادي للدولة الاردنية رافقه ايضا اخفاق سياسي، فالاردن يعاني من حالة من عدم الاستقرار السياسي التي جاءت انعكاسا لعدم توفر رغبة سياسية لاحداث اصلاح سياسي حقيقي يعيد التوازن بين السلطات ويمكن الشعب من أن يكون شريكا في صنع القرار السياسي، لذلك من المقرر ان يذهب الاردنيون لصناديق الانتخابات في ظل حالة من الانقسام المجتمعي والاخفاق الرسمي في تحقيق شروط التوافقات الاجتماعية والسياسية، وربما هذا ما جعل من موجة الاحتجاجات مسألة في غاية الاهمية لانها طرحت معها شرعية الحكومة واجراءاتها. فما هي سيناريوهات حل الأزمة وهل ستتراجع الدولة عن قرارها الذي وصف من قبل الحكومة نفسها بالصعب؟ بحكم الظرف الدستوري هناك ثلاثة سيناريوهات

سيناريو عدم التراجع عن القرار

يؤكد رئيس الوزراء بأنه لن يتراجع عن قراره، وقال لقناة "رؤيا" الاردنية بالحرف الواحد بأنه يفضل الموت على التراجع، ومع ان هذا التعبير ليس سياسيا الا انه يظهر صلابة الرئيس في التمسك برأيه. ويرى النائب السابق ممدوح العبادي بأن هذا هو سيناريو قائم بحيت تركز الدولة على المقاربة الامنية في التعامل مع موجة الاحتجاجات حتى تخف تدريجيا تمهيدا لاجراء انتخابات برلمانية في موعدها المعلن وهو الثالث والعشرين من شهر يناير المقبل.

وهذا سيناريو محفوف بالمخاطر لأن أحدا لا يمكن له التنبؤ بشكل تطور الاحتجاجات على سياسة رفع الدعم، ويقول الدكتور خالد كلالدة- احد الرموز اليساريين وعضو لجنة الحوار الوطني- ان الناس سيلمسون اثار رفع الاسعار بعد فترة لا تتجاوز الشهرين وبالتالي هناك حاجة لمص الاحتقان من خلال رفع نسبة التعويض لتصل الى مئة دينار للفرد الواحد سنويا لعل ذلك يساهم في امتصاص الاحتقان تمهيدا لاجراء الانتخابات. وهذا، بحسب الكلالدة يتطلب تدخلا ملكيا لأن رئيس الحكومة مصر على موقفه وهو لا يستمع لاحد على ما يبدو.

سيناريو فرض حالة الطواريء

حكومة النسور الانتقالية اصبحت مكونا اساسيا من الازمة القائمة بسبب انعدام الثقة الشعبية بها ولأنها اتخذت قرارا اقتصاديا صعبا في حين اختبأ رئيس الوزاء خلف مقولة انه لا يمكن له دستوريا طرح تعديلات على قانون الانتخابات لغياب البرلمان. وساهمت مواقفه في تعزيز انطباع سائد بأن لا نية للدولة الاردنية في القيام بالاصلاح السياسي.

لذلك يرى البعض ان الدولة يمكن لها خلق شروط المشاركة السياسية عن طريق فرض قانون الطواريء بحيت يتم تعديل قانون الانتخابات بموجب قانون مؤقت. وهذا ممكن عمليا بموجب المادة ١٩٤ من الدستور الاردني ، ويرى الدكتور العبادي انه بسبب الظرف الدستوري القاهر فإن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للدولة تجاوز حالة الاحتقان السياسي الناتجة عن سياسة الاقصاء، فالحكومة بهذه الحالة يمكن لها وضع قانون انتخاب مؤقت.

غير أن رئيس الحكومة يرفض هذا الطرح على اعتبار انه لا يمكن القيام بممارسة عرفية (أي فرض قانون الطواريء) للتوصل الى قانون انتخاب جديد. ويستبعد ايضا رئيس حزب الاتحاد الوطني محمد الخشمان هذا السيناريو الذي يمكن ان يتحقق فقط ان تطورت الجبهة الشمالية مع سوريا.

سيناريو عدم اجراء انتخابات

بفشلها في خلق شروط المشاركة السياسية وباصرارها على تحميل المواطن الاردني ثمن السياسات الاقتصادية الفاشلة، هناك من يرى أن الانتخابات قد لا تجري. ويقول وزير الداخلية الاسبق مازن الساكت أن الحكومة بقرارها وطريقة ادارتها للمرحلة الانتقالية عمقت من الازمة السياسية وبالتالي اضرت باستمرار مشروع الانتخابات وقللت من فرصة أن يكون هناك انفتاح سياسي بعد الانتخابات، فالاجراءات الحكومية اعادت البلد إلى نقطة تم تجاوزها على حد تعبير الساكت.

وما من شك أن السياسة الحكومية ستضعف من استراتجية عزل الحركة الاسلامية التي اعلنت مقاطعتها للانتخابات، وبالفعل تراجعت خمسة احزاب عن المشاركة بالانتخابات بعد أن اعلنت مشاركتها في السابق. واذا ما تطورت الاحداث مهددة الاستقرار فإن سيناريو عدم اجراء انتخابات سيكون نتيجة منطقية. وهنا يرى النائب السابق ممدوح العبادي أن الاخفاق في اجراء انتخابات سيحتم اعادة المجلس السابق بصرف النظر عن الرأي السيء للشارع بهذا البرلمان الذي يتهم من قبل الحراك بأنه كان سببا رئيسيا في تأجيج حالة الاحتقان السياسي لتبعيته وامتثاله للرأي الرسمي.

ويرى العبادي انه في هذه الحالة تقع على كاهل البرلمان صياغة واقرار قانون انتخاب توافقي تجري بموجيه انتخابات جديدة. من جانبة شكك الخشمان من هذا سيناريو اعادة نفس المجلس الذي كان سببا في تعميق الفجوة بين الشعب والمؤسسات التي كان من المفروض ان تمثله..

المشهد اليوم يتجاوز موضوع رفع الأسعار، فالأزمة أعمق بكثير من ذلك. ولا بد من إنقاذ مسار الانتخابات النيابية نفسه، حتى لا يجد الأردن نفسه في اليوم التالي للانتخابات في وضع أسوأ من اليوم التالي لرفع الأسعار. ويرى مازن الساكت ان مواجهة الحلول الصعبة كان يستدعي المشاركة السياسية ومن دون ذلك فإن الحلول التي جاءت بها الحكومة حتى لو كان مقنعة فهي غير مجدية.

واذا ما استمرت حالة انعدام الثقة بين الدولة والمجتمع واستمرت المقاربة الامنية فإن قدرة الحكومة الحالية او القادمة على تخفيف حدة الاحتقان متواضعة ما يعني أن الامور قد تتطور بشكل يهدد السلم الاهلي في البلد.(السويس انفو)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير