الزرقاء.. مدينة بلا أسوار
د. صبري اربيحات
جو 24 :
لا أظن أن هناك مدينة أردنية تشبه الزرقاء في تاريخها وتكوينها وديمغرافيتها وروحها؛ فهي غير بعيدة عن العاصمة، لكنها الموطن الذي يحن له مئات آلاف الأردنيين الذين أتوا إليها أو ولدوا وعاشوا فيها، فصهرتهم واستوعبت كل الفوارق بينهم وحولتها إلى قوة أسهمت في الاندماج والانتماء والتكامل.
في حديث الشيخ ضيف الله القلاب لبرنامج "ع الوتر"، والذي تقدمه الإعلامية النابهة سهى كراجة، يدلل الشيخ على سحر وجاذبية المدينة بتعلق الموظفين الذين يُنتدبون للخدمة في الزرقاء، بالمكان وأهله، وإصرار بعضهم على اتخاذ المدينة مقرا دائما لأسرهم حتى بعد انفكاكهم من العمل.
في الزرقاء التي نشأت قبل ما يزيد على أربعة آلاف عام على ضفة النهر الذي كان يعرف بـ"نهر التماسيح"، أردنيون جاؤوا للمدينة من الشيشان وفلسطين والشام وتركيا والعراق والجزيرة العربية، كما سائر المدن الأردنية الأخرى؛ مسلمون ومسيحيون، يرتبطون بعلاقات فيها من الود والحميمية ما يجعلها أقرب إلى العلاقات القرابية، أكثر من كل ما يمكن أن تخلقه وحدة المكان.
بالرغم من تنوع المنابت والأصول للأهالي، إلا أن الانتماء الذي يظهره الزرقاويون لمدينتهم وتاريخها وثقافتها وتراثها وأهلها، يفوق الكثير من مستويات التعلق والالتزام اللذين قد تعبر عنهما أي مجموعة سكانية أخرى لموطنها. وهي ظاهرة تستوقف الجميع، وتدفع بالدارسين والمهتمين للبحث عن الأسباب وراء هذا المستوى المميز من التعلق بالمكان وثقافته وأهله.
على مدار تاريخ المدينة الحديث، ومنذ عشرينيات القرن الماضي، ظلت الزرقاء مشرعة أبوابها لكل الراغبين في اتخاذها موطنا. إذ نمت المدينة التي تطورت بالتوازي مع تطور الجيش العربي، وتمكنت من بناء الروح المعنوية والحب والانتماء لساكنيها، كما عملت معسكرات الإعداد والتأهيل، ومدارس وكليات التدريب التي تناثرت إلى الشرق منها، على إمدادها بالكثير من الأخوة والرفاقية والحب والإيثار.
في مدينة العمال والعسكر، تلاشت الفوارق بين الملاك والعمال، والأغنياء والفقراء، والتجار والزراع؛ فأصبح فضاء الزرقاء وشوارع السعادة فيها مجالات يطوفها المجندون في إجازاتهم، ويجوبها الصبية وأسر الجنود الذين نهلوا من قيم العمل والانضباط والمسؤولية الجمعية ما يكفي لتأسيس علاقات عناوينها الكرامة والاحترام والتسامي.
في الدراسات التي تناولت ظاهرة العنف الجامعي الذي انتشر في جامعاتنا قبل بضع سنوات، كان شباب الزرقاء أقل مساهمة في أحداث العنف. وفي الكثير من الحالات، يتمتع الأشخاص الذين نشأوا في الزرقاء بصداقات أكثر ديمومة مع أقرانهم وجيرانهم.
في الزرقاء، التي تتشابه غالبية مبانيها وتتقارب الظروف المعيشية والأسرية لسكانها، ويشعر الجميع بأنهم يرتبطون بالمكان ارتباطا متساويا، ويعيشون في بيئة خالية من الاستفزاز، مواطنين يتقبلون بعضهم بعضاً، ويحترمون التنوع العرقي والديني والقومي، ويستمتعون بإحساسهم بالمساواة.
في الانتخابات النيابية التي جرت قبل أسابيع، ترشح لشغل مقاعد الزرقاء في المجلس العديد من الأشخاص من غير سكانها، وفاز بعض منهم، من دون أن تتوقف المدينة وأهلها للتحقق من منابت وأصول مرشحيها. في مسيرة المدينة وتاريخها وروح أهلها، ما يشير إلى أن الزرقاء نموذج لما ينبعي أن تصل إليه مدننا ومجتمعاتنا، لتصبح في عداد مكونات الدولة المدنية؛ حيث يتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات من دون النظر إلى السمات والخصائص الموروثة لساكنيها.
في حديث الشيخ ضيف الله القلاب لبرنامج "ع الوتر"، والذي تقدمه الإعلامية النابهة سهى كراجة، يدلل الشيخ على سحر وجاذبية المدينة بتعلق الموظفين الذين يُنتدبون للخدمة في الزرقاء، بالمكان وأهله، وإصرار بعضهم على اتخاذ المدينة مقرا دائما لأسرهم حتى بعد انفكاكهم من العمل.
في الزرقاء التي نشأت قبل ما يزيد على أربعة آلاف عام على ضفة النهر الذي كان يعرف بـ"نهر التماسيح"، أردنيون جاؤوا للمدينة من الشيشان وفلسطين والشام وتركيا والعراق والجزيرة العربية، كما سائر المدن الأردنية الأخرى؛ مسلمون ومسيحيون، يرتبطون بعلاقات فيها من الود والحميمية ما يجعلها أقرب إلى العلاقات القرابية، أكثر من كل ما يمكن أن تخلقه وحدة المكان.
بالرغم من تنوع المنابت والأصول للأهالي، إلا أن الانتماء الذي يظهره الزرقاويون لمدينتهم وتاريخها وثقافتها وتراثها وأهلها، يفوق الكثير من مستويات التعلق والالتزام اللذين قد تعبر عنهما أي مجموعة سكانية أخرى لموطنها. وهي ظاهرة تستوقف الجميع، وتدفع بالدارسين والمهتمين للبحث عن الأسباب وراء هذا المستوى المميز من التعلق بالمكان وثقافته وأهله.
على مدار تاريخ المدينة الحديث، ومنذ عشرينيات القرن الماضي، ظلت الزرقاء مشرعة أبوابها لكل الراغبين في اتخاذها موطنا. إذ نمت المدينة التي تطورت بالتوازي مع تطور الجيش العربي، وتمكنت من بناء الروح المعنوية والحب والانتماء لساكنيها، كما عملت معسكرات الإعداد والتأهيل، ومدارس وكليات التدريب التي تناثرت إلى الشرق منها، على إمدادها بالكثير من الأخوة والرفاقية والحب والإيثار.
في مدينة العمال والعسكر، تلاشت الفوارق بين الملاك والعمال، والأغنياء والفقراء، والتجار والزراع؛ فأصبح فضاء الزرقاء وشوارع السعادة فيها مجالات يطوفها المجندون في إجازاتهم، ويجوبها الصبية وأسر الجنود الذين نهلوا من قيم العمل والانضباط والمسؤولية الجمعية ما يكفي لتأسيس علاقات عناوينها الكرامة والاحترام والتسامي.
في الدراسات التي تناولت ظاهرة العنف الجامعي الذي انتشر في جامعاتنا قبل بضع سنوات، كان شباب الزرقاء أقل مساهمة في أحداث العنف. وفي الكثير من الحالات، يتمتع الأشخاص الذين نشأوا في الزرقاء بصداقات أكثر ديمومة مع أقرانهم وجيرانهم.
في الزرقاء، التي تتشابه غالبية مبانيها وتتقارب الظروف المعيشية والأسرية لسكانها، ويشعر الجميع بأنهم يرتبطون بالمكان ارتباطا متساويا، ويعيشون في بيئة خالية من الاستفزاز، مواطنين يتقبلون بعضهم بعضاً، ويحترمون التنوع العرقي والديني والقومي، ويستمتعون بإحساسهم بالمساواة.
في الانتخابات النيابية التي جرت قبل أسابيع، ترشح لشغل مقاعد الزرقاء في المجلس العديد من الأشخاص من غير سكانها، وفاز بعض منهم، من دون أن تتوقف المدينة وأهلها للتحقق من منابت وأصول مرشحيها. في مسيرة المدينة وتاريخها وروح أهلها، ما يشير إلى أن الزرقاء نموذج لما ينبعي أن تصل إليه مدننا ومجتمعاتنا، لتصبح في عداد مكونات الدولة المدنية؛ حيث يتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات من دون النظر إلى السمات والخصائص الموروثة لساكنيها.