عودة الاردنيين من الخليج.. كارثة مستبعدة أم واقع قريب؟
جو 24 :
سلام الخطيب - تكاد عائلة أردنية واحدة على الأقل في كلّ يوم تستقبل ابنها العائد من دولة خليجية بعد أن فقد وظيفته هناك نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها الشركات الخليجية، هذا العدد يرتفع بشكل كبير في موسم الاجازات السنوية بحسب ما أفاده مغتربون جرى الاستغناء عن خدماتهم بعد أن أخذوا اجازتهم السنوية بإبلاغهم أن الشركة لا تنوي تجديد عقودهم.
عوض: التخوفات حقيقية وعلينا الاستعداد
وبينما يقلل خبراء ومسؤولون أردنيون من ذلك الخطر باعتباره "تهويلا"، يؤكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الدكتور أحمد عوض على أن السياسات التشغيلية في بعض دول الخليج والمملكة العربية السعودية تتجه نحو الاستغناء عن عشرات الآلاف من العمالة الأجنبية من مختلف الجنسيات التي بينها أردنية..
وقال عوض لـJo24 إن العديد من الشركات الكبرى في الخليج والسعودية مثل "بن لادن، سعودي اوجيه وغيرها" تواجه مصاعب اقتصادية أدت للاستغناء عن خدمات كثير من الموظفين وبينهم أردنيون، وهؤلاء سيشكلون ضغطا اقتصاديا واجتماعيا اضافيا على الأردن بلا شكّ، حيث أن قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص عمل تراجعت بشكل ملموس في السنوات الأخيرة.
وأوضح عوض إن أوضاع الاقتصاد الوطني لم تُتح المجال في عام 2015 لتوليد أكثر من 35 ألف فرصة عمل، مشيرا إلى أن عودة جزء من المغتربين الذين يصل تعدادهم بحسب التقديرات الرسمية إلى 800 ألف سيشكّل ضغطا اضافيا كبيرا على سوق العمل، بخاصة وأن أعداد الخريجين لسوق العمل من الجامعات والمراكز المهنية يقارب الـ100 ألف شخص.
وشدد عوض على ضرورة أن تتنبّه الحكومة لهذه المخاطر من خلال مخاطبة دول الخليج وتحديدا المملكة العربية السعودية من أجل الحفاظ والابقاء على العمالة الأردنية لديهم تجنّبا للمشكلات الكبيرة التي يمكن أن نواجهها، لافتا إلى أننا واجهنا في وقت سابق أزمة شبيهة وذلك عندما عاد آلاف الأردنيين العاملين في الخليج إلى المملكة وتسببوا بضغط كبير على الاقتصاد الوطني.
الحلّ الاخر من وجهة نظر الدكتور عوض هو الالتزام بالاستراتيجية الوطنية للتشغيل بعد العمل على تنمية الاقتصاد الوطني ليتجاوز معدل النمو الاقتصادي 6% كما تنصّ الاستراتيجية.
العبادي: كارثة.. لكنها مستبعدة
الوزير السابق والبرلماني العريق الدكتور ممدوح العبادي استبعد بداية أن تقع مثل تلك الأزمة في القريب العاجل، واعتبر أن عودة (10%) من المغتربين سيكون بمثابة الكارثة على الاقتصاد الوطني؛ حيث ستزداد نسب البطالة ويُحرم الأردن من العملات الصعبة والتحويلات المالية التي تأتيه من مواطنيه في الخارج.
ورأى العبادي إن دول الخليج ستواجه صعوبة بإحلال عمالة محلية بدلا من الأردنية، وذلك لكون الأردنيين معروفون بكفاءتهم ومهارتهم العالية، وأنهم ليسوا مجرّد عمال عاديين، لافتا في ذات السياق إلى ضرورة أن تدعم حكومات دول الخليج العمالة الأردنية لديها إلى جانب دعم المملكة بمشاريع استثمارية كبرى.
ورغم استبعاده ذلك الأمر -عودة المغتربين- غير أن العبادي أكد لـJo24 ضرورة تفطّن الحكومة له وأن تستبقه بتحرّك دبلوماسي رسمي يدعم العمالة الأردنية في الخارج، مجددا دعوته التي أطلقها في وقت سابق لايجاد وزارة خاصة بالأردنيين الذين يعملون في الخارج خاصة وأنهم يدعمون الاقتصاد الوطني بنحو 3 مليارات دولار في العام الواحد.
واستطرد العبادي: "صحيح أن لدينا وزارة للخارجية، لكنها غير قادرة على أداء دورها وواجبها تجاه الأردنيين في الخارج، كما أن وزيرها يقضي معظم أوقاته خارج البلاد ولديه كثير من الواجبات وبالتالي هو لا يملك الوقت للتفكير بسبل دعم المغتربين"، متسائلا عن سبب وجود وزارة لتطوير "القطاع العام المتراجع باستمرار" وعدم استحداث وزارة للمغتربين مثلا..
القضاة: تهويل اعلامي
أمين عام وزارة تطوير القطاع العام الدكتور عبدالله القضاة اعتبر الحديث عن تسريح العمال الأردنيين في الخليج ومعاناة اقتصاد تلك الدول نوعا من "التهويل الإعلامي"، خاصة وأن الأردن وقع اتفاقيات مع الجانب السعودي قبل أسبوع واحد فقط، وكانت تلك الاتفاقيات في معظمها اقتصادية وتستهدف فتح مشاريع كبرى هناك بالاستعانة بالأردنيين.
وقال القضاة لـJo24 إن "احتمالية عودة الأردنيين من الخارج هي مجرد أحاديث ليس لها أي سند اقتصادي أو مؤشر حقيقي، على العكس تماما فالخليج لا زال يقدم فرص عمل للأردنيين وغيرهم، بل إن هناك دعما خاصا للعمالة الأردنية".
وحول الدعوات لإلغاء وزارة تطوير القطاع العام واستحداث وزارة منفصلة لشؤون المغتربين، لفت القضاة إلى أن جميع كتب التكليف السامي والورقة النقاشية الأخيرة للملك عبدالله الثاني بن الحسين أكدت على ضرورة تطوير القطاع العام ومأسسة العمل فيها، مشيرا في ذات السياق إلى أن الوزارة لا تكلّف خزينة الدولة شيئا..
ابو نجمة: العمالة الاردنية ليست طارئة.. وعلينا الاستعداد
ومن جانبه أكد خبير ومستشار شؤون العمل حمادة أبو نجمة على عدم وجود مؤشرات لعودة الأردنيين العاملين في دول الخليج بأعداد كبيرة، مشيرا إلى أن أوضاع العمالة الأردنية "كان ولا زال مطمئنا بحسب ما اطلعت عليه أثناء وجودي في وزارة العمل".
وأضاف أبو نجمة لـJo24 إن العمالة الأردنية ليست طارئة على السعودية ولا دول الخليج، حيث أنها لا تعمل بمهن وأعمال خفيفة يمكن الاستغناء عنهم في أي وقت، بل هم أصحاب خبرات متخصصة وليس من السهولة الاستعاضة عنهم.
وشدد أبو نجمة على أن المؤسسات السعودية الرسمية والخاصة تعتبر تشغيل الأردنيين أولوية نظرا لكفاءتهم العالية ومهارتهم المميزة، بالإضافة إلى جديتهم واخلاصهم في العمل.
واختتم أبو نجمة حديثه بالتأكيد على ضرورة أن تكون الدولة الأردنية والاقتصاد الوطني جاهزا لتحمّل أية مخاطر ممكنة مستقبلا.
وتقدر آخر الإحصاءات الرسمية عدد الأردنيين العاملين في السعودية بنحو 300 الف عامل، وفي قطر بنحو 40 ألف عامل، وفي الإمارات العربية المتحدة حوالى 225 ألف عامل.
وقد بين البنك المركزي في تقرير أصدره مؤخرا، إن إجمالي تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج بلغ خلال شهر كانون الثاني الماضي 285 مليون دولار.