بعد التعديل الوزاري ..هل سينجح الرئيس في ادارة التباينات ام ان المسننات مهترئة؟
جو 24 :
كتب المحرر السياسي - عشية اعلان التعديل الوزاري الاول على حكومة هاني الملقي ،خرج الرئيس بتصريحات حول المعتقلين لدى نيابة امن الدولة لم نفهم منها اي شئ ، حيث قال بان المعتقلين قاموا باعمال تحريضية تثير الرأي العام !!!
وهنا لا بد ان نسأل ماذا يقصد الرئيس بقوله (اعمال تحريضية)؟ فهذه هي المرة الاولى التي تلجأ بها الحكومة لهذا التكييف القانوني الذي دفع نيابة امن الدولة لتوقيف ١٣ شخصية سياسية بارزة .
لن نغوص اكثر في ماورائيات هذا التشنج الرسمي الان ، لان الحديث في هذا الموضوع تحديدا يثير حفيظة دوائر صنع القرار المستفَزة ،والتي اختارت ان تنحو هذا المنحى غير المدروس وغير المبرر ،لذلك سنكتفي بهذه الاشارة .
فريق وزاري على مقاس الملقي ،ولكن؟
على كل حال، رئيس الوزراء اليوم وبعد التعديل الذي اختار فيه بقية اعضاء فريقه الوزاري ،لن يتمكن من تبرير استمرار حالة الضعف والتفسخ والانقسام في حكومته والذي انكشف منذ اليوم الاول ،لا يستطيع ان يقول ان هذا الوزير فرض عليّ وذاك لم اتمكن من تغييره ،فلقد حصل الرئيس على فرصته بمساعدة مجلس النواب طبعا ، والان غادر الوزراء الذين فُرضوا عليه ولم يبق له اي عذر بعد اليوم .
الا ان ذلك يدفعنا للسؤال ، هل كانت خياراته الجديدة موفقة ؟ نستطيع ان نقول ان الرئيس الملقي وتحت وطأة ضيق الوقت -اضطراره لاجراء التعديل قبل انعقاد جلسة مجلس النواب- ،وقع في محذور اختيار شخصيات عامة ليس من السهل ادارتها او تحريكها عن بُعد، بالريموت كنترول ،كما نظن ان الرئيس يتمنى ،فلن يقبل ممدوح العبادي على سبيل المثال ان يكون هامشيا ،ولن يكون ايمن الصفدي اقل نزوعا للاستقلالية من سلفه ناصر جودة ،كما ان عمر الرزاز ليس سهل الانقياد ،وهو الشخصية المعروفة بارائها المستقلة ،وصاحب رؤية وطريقة قد لا تتسق مع رؤية الرئيس في كثير من المفاصل المهمة.
لذلك نقول ان هذا التنوع في الفريق الوزاري ،قد يكون عامل قوة للحكومة اذا استطاع الرئيس الملقي ان يطوع ويوظف هذه التباينات لصالح قرارات اكثر رشدا ووجاهة ،ولكنها قد تكون وصفة كارثية تتعمق فيها الخلافات والانقسامات ،ويتسع الرتق ، ويستمر اعضاء الفريق بالعزف المنفرد دون مايسترو وبذلك نسقط في مزيد من الاخطاء والاشكالات .
الفريق الوزاري الباقي ليس مختلفا..
نشاط واجتهادات الفريق الوزاري الذي لم يطاله التعديل لا تبعث على التفاؤل ابدا ،فلم ينجح وزراء الملقي (فريقه الاقتصادي) في وضع موازنة تخرجنا من حتمية ان يدفع المواطن في كل سنة كلفة العجز الذي يتفاقم وتتفاقم معه المديونية رغم الرفع ،وهي المعادلة المجنونة التي لا نعرف اذا كانت تحدث في اي مكان اخر في هذا العالم .ففي كل مرة تقول الحكومة ان لا مفر من الرفع لوقف التداعي ،ويتم الرفع ويستمر التداعي ؟!!!
البرلمان وامتحان الموازنة العامة
اما البرلمان الذي نجح في فرض ارادته، وتمكن من دفع الحكومة لاجراء التعديل الوزاري ،فعليه ان يثبت مرة اخرى بان انحيازه للشعب وتفهمه لظروف الناس الصعبة ليس قابلا للمساومة ،فالمطلوب منه ان يرفض ما تضمنته الموازنة من بنود الرفع التي ستضاعف عذابات الناس وستدخلهم في الحائط . ولكن ما سيحدث فعلا هو ان الحكومة ستدخل في دوامة مواجهات صورية جديدة مع مجلس النواب ستمتد لايام معدودة ، وبعدها ستخرج حتما من هذه المساجلات باقل الخسائر (التعديلات).
واضح ان التغييرات في مختلف الدوائر والاجهزة ستستمر ،وان تصويب الاوضاع بات ضرورة لا مفر منها ،فلا مكان لغير المؤهلين في اي موقع مهما قلت اهميته ،لذلك على الحكومة ان تجري مراجعات شاملة ،تنهي فيها حقبة التنفيعات والوساطات والتعيينات غير المبنية على اسس ومعايير واضحة ،وذلك لتتمكن من مواجهة التحديات والقيام بالمهام والادوار .
على الحكومة ان تكون جاهزة بكل اجهزتها للطوارئ واسوأ الظروف ،هذا ما يجب ان تستعد له ، وتتعامل مع هذا الموضوع كاولوية..
فهل ستلتفت حكومة الملقي الى هذه المسائل مجتمعة ام ان مسنناتها لا تعمل ولو اجرت التعديل تلو الاخر ..