jo24_banner
jo24_banner

المرأة والتطرف العنيف في الأردن

العقيد المتقاعد د. ظفار المعايطة
جو 24 :
لطالما أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية الدور الرائد للمرأة الأردنية في عملية التنمية الشاملة ومشاركتها الفعالة في بناء المجتمع المحلي اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فالمرأة تؤدي اليوم دورا مهما في مجالات التوعية من أخطار التطرف التي قد تشكل تحديا للشباب الأردني في مراحل مبكرة من العمر سواء أكانوا على مقاعد المدرسة او الجامعة.

أعدت منظمة الأمم المتحدة (UN women) في شهر شباط من عام 2016 بتمويل من الحكومتين اليابانية والفنلنديَة وبمساعدة مركز الحياة لتنمية المجتمع (راصد) تقريرا بعنوان "المرأة والتطرف العنيف في الأردن" نشر في تموز من العام ذاته بالتعاون مع اللجنة الوطنية للمرأة ضمن إطار الجهود الوطنية لتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 1325 "المرأة والأمن والسلام". وتعرض التقرير إلى العوامل التي تؤدي إلى التطرف وأجملها باربعة عوامل رئيسة: سياسة، ودينية، واقتصادية – اجتماعية، وشخصية. وبحث التقرير في علاقة النساء بالتطرف، وما إذا كن أكثر من مجرد ضحايا، بالإضافة إلى مؤشرات التطرف وعلاماته. وبحث التقرير دور العشائرية في التطرف التي رأى البعض أنها تشكل حصنا ضد الأخطار الخارجية وتحمي النساء من التعرض للأفكار المتطرفة في يحن اعتبرها آخرون عاملا يشجع على التطرف. كما أثار التقرير تساؤلات عدة أبرزها ما إذا كانت النساء والفتيات في الأردن تواجهن خطر التحول إلى التطرف، بالإضافة إلى الآثار القائمة والمحتملة على حياتهن وذلك من خلال استبيانات ومقابلات ونقاشات سعت بمجملها لتقديم حلول تساعد الأردن في مسعاه لتطوير خطة عمل وطنية أردنية بهذا الخصوص.
أبرز ما يلفت الانتباه في التقرير هو اعتقاد 74% من الفئة المستطلعة أن التطرف يحدث في الجامعات في مناطق مثل الزرقاء ومعان والسلط وإربد والرصيفة، وقناعة 82% من المستطلعة آراؤهم بأن الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية تشجع النساء والرجال على الانضمام إلى الجماعات المتطرفة. وآشارت العينة المستطلعة إلى أن 79% من أولياء الأمور، و50% من الطلبة يرون أن للامهات دورا وأثرا عظيما في توجيه فكر ابنائهن بشكل مباشر أو غير مباشر نحو التطرف، في حين قال 9% من الأمهات إنهن ساهمن في حمل أبنائهن لأفكار متطرفة.

خرج التقرير بعدد من التوصيات كان من أبرزها دعوة الأردن لوضع استراتيجية وطنية لمحاربة التطرف العنيف، واقترح توفير قناة آمنة للتبليغ عن حالات التطرف التي قد تشكل تهديدا أمنيا للدولة مستقبلا، إلا ان أبرز التوصيات التي نؤيدها بشدة بل ونسعى لإيجاد آليات لتطبيقها هي تنفيذ برامج عملية وتوعوية لمحاربة التطرف في كل المحافظات خصوصا المناطق الريفية والمخيمات ووضع برامج عملية لمحاربة التطرف تعنى بالمرأة الأردنية التي نعتبرها كأردنيين اللبنة والركيزة الأساسية في تكوين الاسرة المتماسكة. في هذا السياق تبرز أسئلة أهمها: ما الذي يجب أن يقدم إلى المرأة الأردنية لمساعدتها في الحد من التطرف؟ وما الذي يجب أن نعنى به للحيلولة دون انزلاق المرأة في مستنقع التطرف؟ للاجابة على هذه التساؤلات أعتقد أنه على كافة المعنيين في محاربة التطرف العمل على تطوير استراتيجية وطنية عبر نهج تشاركي بمساعدة الشباب، والنساء الناشطات، ومؤسسات المجتمع المدني، وعلماء الدين، وشيوخ العشائر، والمسؤولين الحكوميين في المحافظات لأننا ما زلنا نفتقر إلى استراتيجية يشارك في صياغتها جميع مكونات المجتمع. كما يجب أن نضع آليات تضم برامج واضحة المعالم بحيث تصب كافة الجهود المتفرقة حاليا في خدمة الهدف الأساس وهو مكافحة التطرف.

رغم الجهود المبذولة التي نقدرها ونشكر جميع القائمين عليها ما زلنا بحاجة إلى تنسيقها وتفعيلها للوصول إلى كل الجهات التي تم ذكرها في التقرير الذي حدد الفئات المستهدفة والمناطق الأكثر استهدافا من قبل الفكر المتطرف. نعتقد أن المرحلة القادمة تتطلب قيام الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بترجمة حقيقية لتوجيهات جلالة الملك بالعمل على توزيع مكاسب التنمية بشكل عادل من خلال صندوق تنمية المحافظات الذي أطلق لهذه الغاية، وأن تدعم المشاريع الإنتاجية، وأن توفر فرص العمل، وأن تعمل على الحد من البطالة، ومعالجة جيوب الفقر التي تم التطرق إليها في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر للسنوات 2013- 2020 لتكون عونا للمرأة على تحقيق التقدم وتوفير الحماية المباشرة لها وبالنتيجة لأسرتها لاسيما وأن الاحصائيات الرسمية الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة تظهر أن نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة لا تزيد على 13% ما يجعلها من أقل النسب عالميا.

بالعودة الى الخطة الاستراتيجية لتمكين المرأة في الأردن 2013- 2017 فإن المحور الأول ركز على الأمن الانساني والحماية الاجتماعية في مجال التعليم والعنف ضد المرأة الذي ارتفع بشكل ملحوظ العام الماضي بنسبة تجاوزت 50 % الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة عاجلة من قبل الحكومة وأجهزتها المعنية سواء من حيث العقوبات او البرامج التوعوية. كما تجدر الإشارة إلى أن المحور الثالث من ذات الاستراتيجية ركز على التمكين الاقتصادي الذي يساعد المرأة في أن تكون شريكا فاعلا في المجتمع لتساهم بالأدوار المطلوبة منها ومن ضمنها الحد من التطرف والمساهمة في تحصين المجتمع من تداعياته بالتشارك بين جميع قطاعات ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص. إن المرحلة القادمة تتطلب تفعيلا حقيقيا لجهود وضع خطط واضحة قابلة للتنفيذ ضمن أطر زمنية محددة لحماية المرأة الأردنية من التنظيمات المتطرفة التي تستغل معاناتها وتهميشها وعوزها وحرمانها من التعليم لاستمالتها نحو الفكر المتطرف واستخدامها في تنفيذ أجندتها المدمرة.
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير