الجامعات وفصل الطلاب
لا نعرف كلّ الأسباب التي دفعت جامعة البلقاء، إلى اتخاذ موقفها الذي اتخذته من طلبة يدرسون الهندسة فيها، والمعلومات لدينا غير مكتملة إلا لائحة الإدانة التي يقدمها المعنيون عبر الإعلام، لكن الأمر فيه كلام كثير، ولا نعرف ولا ندعي أننا نملك تفسيرا لما جرى، ولا نقول إن الطلاب أبرياء تماماً وملائكة، وإن بعضهم لا يتحرك جماهيريا دون المرجعيات الحزبية، تلك هي الجامعات، والعمل الطلابي يحتمل الكثير.
وحدها هيئة الجامعة التي تقدم للإعلام ما تقدم من معلومات قد لا تكون مقنعة للجميع، وقد تكون صحيحة، وقد تحتمل التعسف والتغليظ او تكون مناسبة. ولكن في المحصلة لدينا طلاب عوقبوا بالفصل والانذار كما جاء في كلام عميد الكلية فهناك ثمانية «طلاب من كلية الهندسة التكنولوجية «البوليتكنك›››››››› اتخذت الجامعة عقوبات بحقهم بعد اعاقتهم للعملية التدريسية في كلية الهندسة التكنولوجية.» وهو ما أثبتته التحقيقات التي قررت مخالفة الطلبة لقوانين وأنظمة الجامعة، وتم إيقاع العقوبة على ثمانية طلاب؛ منهم اثنان فصل نهائي من الكلية وستة طلبة تم فصلهم من الكلية لمدة فصلين دراسيين.
عميد الكلية بين أن قوانين وأنظمة الجامعة تتيح لأي طالب تم إيقاع العقوبة القانونية عليه الاعتراض ضمن المدة القانونية اللازمة، وبعد ذلك تصبح نافذة، مبينا «أن الجامعة تنفذ سيادة القانون والعدالة والمساواة».
وأسهل شيء اليوم أن نقول إن هذه المؤسسة أو تلك تطبيق القانون، وأكثر شيء سائد في المجتمع عكس ذلك، وبغض النظر عن أن هؤلاء طلاب لهم مطالب مشروعة، او غير مشروعة برأي الجامعة، فإن ضمان مسار العدالة هو الأهم، فلجان التحقيق في الجامعات أغلبها وليس كلها هشة وتنفذ ما يأتي من علٍ، وفي تلك الكلية حراك طلابي بعضه مسيس، ولكن العلاج يجب أن يكون بشكل مختلف، وحق الطلاب بالتعبير عن آرائهم كفله الدستور والتزام الأردن بحقوق الإنسان العالمية ومعاييرها المطبقة.
قلنا قبل اقل من شهر في هذه الزاوية إن جامعة البلقاء تحقق نجاحات في الإنفاق وضبطه وتقليص العجز، اليوم نقول إنها مدعوة للتعقل، أكثر في معالجة قضايا الطلبة وإن عليها أن تنظر برؤية أوسع وأرحب، وأن تساعد الطلبة في حل مشكلاتهم. ولا مشكلة لدينا في مدح إجراءاتها إن كانت صحيحة، ولكنها في فصل الطلبة لمجرد القول إنهم اعاقوا العملية التدريسية وخالفوا القانون، فذلك أسهل ما يجده العمداء لتبرير اجرائهم، التعسفي برأي الخصوم، أو العادل برأيهم والمقنع لهم بأن ذلك يقدمهم لمواقع عليا، فهم حفظة الهيبة والدولة. والمهم ليس تطبيق القانون، بل الحرية للطلبة والحوار معهم واحترام عقلهم، وحين يكون ذلك يكون الطلبة أكثر وعياً والتزاماً. وأحيانا تصرف العمداء المدفوع بإظهار الحزم والولاء للرئيس يصنع أزمة أكبر من حلها، هنا يجب تدخل الكبار.
حدث ذلك في جامعة مؤتة يوم كان الأستاذ الدكتور عدنان البخيت رئيساَ أواسط التسعينيات، وعلّمنا جميعاً درساً في استيعاب الطلبة، وكيفية إدارة التيارات الفكرية الجامحة والحشود، وأظن أن البلقاء قريبة منه وتحت مسؤوليته كرئيس مجلس أمناء، ويمكن للجامعة تدبير محاضرة عامة لع مع العمداء للإفادة من تجربته في كيفية إدارة الجامعة التي نريد. آنذاك طلب البخيت حفظه الله منا طلباً واحداً، وجعله ضمن تقويم الجامعة، فعدنا جميعاً لقاعات الدرس وكلنا احترماً لعقله وسعة صدره وحسن تدبيره فقط أعطي الحكمة ولم يقل اننا شذاذ آفاق او نعطل التدريس في جامعة نصفها عسكري، بل جعلنا أكثر طوعاً واهتماماً بدراستنا وحقق لنا ما نريد. لذا على البلقاء ان تعرف خبرته جيداً.