عن مئوية الدولة
أول أمس جُدد رفع راية الثورة العربية في العقبة، حدث مهم يذكر بوصول فيصل بن الحسين قائد الجيوش الشمالية للثورة العربية إلى العقبة أوائل شهر تموز من عام 1917م. وكان الوصول في غاية الأهمية لما للعقبة من أهمية، ولاحقا وصل الأمير زيد بن الحسين الذي كان له دور كبير في معارك الثورة العربية على أراضي الأردن.
العام الفائت كانت مئوية الثورة العربية، واحتفلنا بها بالشكل الذي خرج به الحفل، لكن المهم اليوم هو مسيرة الدولة الأردنية التي شكلت في رحم مشروع الثورة وكانت غاية الملك المؤسس من المجيء لشرق الاردن تحرير سوريا.
بعد تجربة الحكم العربي في سوريا، جاء تشكل الأردن، وكان لمؤتمر أم قيس أهمية كبرى، لكن السؤال اليوم كيف سنؤرخ لمئوية الدولة وتأسيس الإمارة ولاحقاً المملكة.
ما دور الأردنيين وما حجم تدخلهم وما أثرهم في البدايات المؤسسة، وما هو دور النخبة العربية التي جاءت مع الأمير المؤسس اوالتحقت به فيما بعد وما أثرها، وكيف نظر للأمير ودوره في الحركة العربية وفي مقاومة الاستعمار.
هل نعيد كتابة تاريخ الدولة، بكل ظروفة مع معاينة للأزمنة الحرجة، كيف تطورت البنى والمؤسسات، وكيف تمأسست القوانيين وكيف واجهت الدولة المخاطر، في ظل إقليم ملتهب.
اليوم بقي سنوات قليلة كي تمر مئوية الدولة، ربما يكون من المهم التفكير باخراج يليق بانجازات الأردنيين، وبلدهم الذي بات اليوم على حد تعبير مفكر عربي هو ممثل المشرق العربي، وهو المتبقي بوحدته وكيانيته وقوته في مواجهة التحديات.
كان الأردن بداية لحلم الشرق العربي الذي انفجر باحثاً عن الحرية مطلع القرن العشرين، وكانت حكومته الأولى تحمل هذا الاسم وكذلك جريدته الرسمية، وكان المناخ كله عروبة، وظل الأردن كذلك حتى هذه اللحظة، وفي سبيل العروبة ووحدة الصف العربي دخل الاردن والاردنيون أكثر خياراتهم مرارة وصعوبة وهو حرب حزيران 1967.
العودة للبدايات المؤسسة مهمة اليوم أمام الجيل الجديد، كي نتذكر مسيرة طويلة من التضحيات ولكي نبني عن الشباب والأطفال حالة وعي ناجزة وتدبرا وتفكيرا راسخا بأن هذا الوطن لم ينبت او يكتمل بناؤه بسهولة، لقد مر الكثير من التحديات ونعيش اليوم الكثير منها والتي تواجهنا بالحاح، لكن هذا كله ينبغي له أن يعزز قناعاتنا باتجاه مسألة الدولة، وضرورة التوافق الوطني على حل كل الإشكاليات لنتقدم نحو قرن جديد بكل حيوية وقوة.