حكومة الملقي ..عن المازوخية والجعجعة وفي أي معصم ترتبط خيوط اتخاذ القرار؟
باسل العكور
جو 24 :
رغم النشاط الإعلامي الاستعراضي اللافت لرئيس الوزراء هاني الملقي وعدد كبير من اعضاء فريقه الوزاري، الا ان ذلك لا يعدو كونه تحركا موضعيا في اطر ضيقة جدا، لا تسجل فيه الحكومة إنجازات ذات بال او حتى تنجح في تفكيك ازمة اقتصادية واحدة، او تحدث إزاحة من أي نوع في واحدة على الأقل من الملفات العالقة التي ما زالت تنتظر قرارا حكوميا حاسما واجراء تنفيذيا ينقل حكومة الملقي الى دائرة الفعل والتأثير!
للأسف الشديد ما زال حالنا بالحكومة ، كمن يتلذذ في تعذيب نفسه بصوت الجعجعة الهادر- حد المازوخية- ، الذي لا يتبعة طحنا ولا ثمرا ولا تحركا ولا إنجازا فعليا على الأرض.
وحتى لا نذهب بعيدا بالأحكام القيمية ،التي- رغم دقتها - قد تبدو للوهلة الاولى بانها ظالمة او متجنية او متحاملة على حكومتنا الرشيدة، لا بد ان نتوقف عند بعض الأمثلة القياسية التي تدلل على صحة الخلاصات والانطباعات التي تشكلت والتي تعكس حجم المشكلة ودرجة اللاأُُباليّة الحكومية وعدم الاكثراث بردود الفعل :
وهنا نسأل الحكومة عن أسباب زيادة العجز والمديونية في الربع الاول من هذا
العام ، بعد قرارات رفع الأسعار التي طالت كل شيء ؟ فكيف يمكن ان نفهم او نستوعب هذه المعادلة المعكوسة ، نرفع الأسعار والرسوم والضرائب ومع ذلك كله تتضاعف المديونية ويزيد العجز؟!!!
ثم ماذا عن قضية طريق اربد – عمان الذي تعرض لانهيارات وتشققات في احدى النقاط قبل عدة اشهر ، كيف يمكن ان نفسر عدم جاهزيته حتى الان ،ما الذي يعيق اليات وزارة الاشغال من انجاز هذا الطريق الدولي ؟
ماذا عن موضوع التعيينات في المواقع القيادية ،الى متى سيتحكم مزاج الرئيس ومراكز صنع القرار باختيار المعينين في المواقع الرسمية العليا ؟ الى متى سيجري تغييب الأسس والمعايير،وضرب قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بعرض الحائط ؟ كيف يمكن ان نهضم تصريحات الحكومة التي تتحدث فيها عن النزاهة والشفافية ، وبنفس الوقت تعين المدراء والسفراء والرؤساء دون اية أسس او معايير ؟ كيف تفسر لنا الحكومة مثلا تعيينها للسفراء الجدد في وزارة الخارجية ؟ ما الذي دفع وزير الخارجية وهو الرجل المهني والحرفي بامتياز ،والذي تمكن فعلا من تمثيل الأردن ومصالحه ومواقفه في العالم ،واستطاع ان يتمايز عن سابقيه ، ويكشفهم استراتيجيا ،بالقبول بتعيين سفراء على قاعدة انه جوائز ترضية او مكافآت نهاية خدمة؟
ماذا عن موضوع تطوير قطاع النقل العام ،الى اين وصلت الجهود الحكومية في هذا المضمار ؟ كيف يمكن ان نتعايش مع فكرة ان الحكومة عاجزة تماما عن التعاطي مع (اوبر وكريم) ؟ كيف تعجز الحكومة عن الزامهم بالقانون ؟ من الذي سيعوض سائقي التكسي عن الخسائر التي يتكبدون يوميا؟ من الذي سيعوضهم عن الحرمان الذي عاشوه في الآونة الأخيرة بعد ان استحوذت سيارات الخصوصي عبر التطبيقات على زبائنهم ؟ تخيلوا ان الحكومة لا تستطيع ان تحجب التطبيقات على الهواتف الذكية ؟! ماذا لو انتشرت بعض التطبيقات الإباحية او التي تروج للارهاب او التي تروج للرذيلة ،ماذا عسى الحكومة ان تفعل ؟
ماذا عن ملف رؤساء الجامعات الذي ينتظر حسما منذ اشهر طويلة ، ماذا تنتظر الحكومة لتجري التغييرات اللازمة للنهوض بجامعاتنا وانقاذها من التعرض لمزيد من الانتكاسات والهزات ؟ الم تقرأ الحكومة ما يكتب وما ينشر من ملاحظات واحتجاجات في جامعات اليرموك والطفيلة والبلقاء التطبيقية ؟ ما الذي يؤخر قرارها ؟
ثم ماذا عن ملف الناطقين الرسميين غي المؤهلين في مؤسساتنا ووزاراتنا وبعض الجهات الامنية التابعة للحكومة ؟ ماذا عن اللوبيات في الوزارات التي تلتف حول الوزير أي وزير كالتفاف السوار حول المعصم ؟ كيف سيتحرر وزير التربية مثلا ووزير التعليم العالي من تأثير تلك اللوبيات ويباشرا معا في احداث التغيير والتطوير المطلوب ؟!
هذا فيض من غيض ،والامثلة كثيرة ولا مجال لحصرها في هذه العجالة . خلاصة القول، واضح ان ديناميكيات اتخاذ القرارات الحكومية تشوبها شائبة ،وذلك ربما يكون له علاقة بواحد او اكثر من التفسيرات التالية :
- قد يكون لذلك علاقة بحقيقة ان خيوط اتخاذ القرار في معصم آخر
- او لذلك علاقة بغياب التجانس بين أعضاء الفريق وتفاوت المستوى والأداء.
- او لذلك علاقة بالتّكلسات التي استوطنت مسننات ماكينة الإدارة العامة والجهاز الحكومي، الى الدرجة التي بات معها الفعل والتأثير غير ممكن.
- وأخيرا قد يكون له علاقة فقط بمقومات عامل الشخصية للرئيس ومتخذي القرار..