تعيين ابن الملقي.. القشة التي قصمت ظهر البعير وفتحت باب الاحتجاج على ظاهرة تنامت مؤخرا
جو 24 :
أحمد الحراسيس - اعتدنا في الاعلام المحلي أن تجتاح موجات من الاحتجاجات وسائل التواصل الاجتماعي وجلسات المواطنين الخاصة وأحيانا العامة، لكنها تتميز عادة بأنها انتقادات مؤقتة تتلاشى بعد يوم أو يومين على الأكثر مع أن أثرها يبقى في النفوس طويلا، لكننا وخلال الفترة الماضية شهدنا قضية لم تنتهِ موجة الاحتجاج عليها بالرغم من الملفات الساخنة الكثيرة التي أثيرت، وهي تعيين نجل رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي، فوزي، بمنصب كبير في المؤسسة التي يعمل لديها منذ عدة سنوات.
تعيين نجل الملقي لم يكن المشكلة الوحيدة لدى الأردنيين، لكنه كان القشة التي قصمت ظهورهم بعد توالي أنباء التعيينات لأبناء المتنفذين والمسؤولين الرسميين في أعلى المواقع، ابتداء من تعيين نجل رئيس الوزراء السابق عبدالله النسور سفيرا ونجل أمين عمان السابق عقل بلتاجي.. مرورا بتعيينات أبناء وأقرباء النواب في مجلس الأمة.. وليس انتهاء بتعيين أربعة أعضاء في مجلس ادارة صندوق استثمار أموال الضامن من أبناء المتنفذين وتعيين سفراء في وزارة الخارجية من المتنفذين وابنائهم..
وبالاضافة لطول أمد الاحتجاج على تعيين نجل الملقي، فإن ما يلفت الأنظار أن الرئيس جرّب من قبل ترقيته وتعيينه في موقع اداري بارز، وقد خبِر ردة الفعل الشعبية الرافضة لذلك، وكان عليه أن يتفادى تكرار تلك التجربة وخاصة أنه يشغل موقع رأس السلطة التنفيذية، ولن يُفهم تعيين نجله إلا بكونه جاء ارضاء للرئيس إن لم يكن تنفيذا لايعاز!
ومما زاد غضب الناس وسخطهم أن تلك التعيينات والتنعم بامتيازاتها الوظيفية جاء في ظلّ أوضاع اقتصادية صعبة للغاية على المواطنين الذين باتوا يشعرون وكأن الوطن وخيراته أصبح حكرا على فئة بعينها، ومحرمة على أبناء الحراثين من الأردنيين، سواء امتلكوا المؤهلات الكافية لشغل أعلى المواقع أم لا.
النائب الأسبق وصفي الرواشدة كتب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إنه وبعد خروجه من السجن بسبب آرائه السياسية التقى إحدى الشخصيات الوازنة في الدولة الأردنية والتي أبلغته بضرورة مراعاة الأوضاع الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، حيث أجابه بضرورة أن يتم محاسبة الفاسدين وملاحقة المتنفذين المتهربين ضريبيا وأن يتم وقف تعيين أبناء المسؤولين والأنسباء برواتب "العشر والطعش والعشرين ألف" فهذه ما يرهق الموازنة.
فيما وجّه الناشط والنقابي أحمد أبو غنيمة رسالة إلى الملك عبر رئيس الديوان الملكي قال فيها إنه "ليس ذنب الأردنيين أن أجدادهم وآباءهم لم يصبحوا يوما مسؤولين حتى يتوارثوا المناصب والمكاسب والأعطيات، وليس ذنبهم أن آباءهم وأجدادهم انصرفوا لبناء هذا الوطن بعيدا عن المواقع الرسمية".
وتساءل مواطنون علّقوا على منشور للنائب خليل عطية حاول فيه الأخير كبح جماح مهاجمي تعيين نجل الملقي وقوله بأن المعيّن يحمل شهادة دكتوراه وربما يكون قد أخذ الموقع بكفاءته: اذا كان المسؤولون وأبناؤهم هم أصحاب الكفاءة، فلماذا وصلنا الحضيض؟ ولماذا لا نُجرب الحراثين وابناءهم لعلّهم يمتلكون الوصفة السحرية للخروج من الأزمة التي نعيش..؟
التعليقات ومنشورات المواطنين خرجت عن موضوع تعيين نجل الملقي إلى الحديث عن ظاهرة أصبحت تتنامى خلال السنوات الأخيرة، وتتمثل باعتقاد المسؤولين احتكارهم وابناءهم المعرفة والكفاءة دون الاخرين، بالاضافة إلى الجرأة في اتخاذ قرارات مستندة على المحسوبيات وهو ما يستوجب وضع حدّ له ربما يكون باقرار تشريع يمنع تعيين أيّا من أبناء المسؤولين الذين تولّوا مواقع هامة خلال عقد من تاريخ مغادرة الآباء مواقعهم، بالاضافة للتشدد والالتزام بتعليمات التعيين في المواقع القيادية سواء في المواقع العامة أو في الشركات التي تساهم بها الحكومة..