غياب حسابات الربح والخسارة في موقف الاردن من قطر
د. حسن البراري
جو 24 :
لم يكن هناك ودٌ بين الدوحة وعمان في الأساس لينقطع، فثمة برودة في العلاقة تذكرنا بصقوعة كانون واربعينية الشتاء، ولا يمكن الاشارة إلى كيمياء في العلاقة بين زعامة البلدين، غير أن هناك مصالح كان يجب أن تكون هي المحرك الاول لمواقف الأردن إزاء قطر وبخاصة بعد أن اشتدت عزلة الأخيرة. فلماذا اتخذ الأردن قرار تخفيض التمثيل الدبلوماسي وهل جاء ذلك وفقا لمصالح وطنية أردنية أم امتثالا لمطالب السعودية؟
هناك سيناريوهان للأزمة لا ثالث لهما: أولا، أن ينجح التحالف المعادي لقطر (والذي انضمت له الأردن) في الحاق هزيمة بالقيادة القطرية واجبارها إما على التخلي عن الحكم لصالح شخص آخر أو أن تقوم القيادة الحالية بتقديم التنازلات في سياق اعادة تأهيل النظام القطري ليكون لاعبا مقبولاً ضمن الحدود المسموح بها اقليميا. ثانيا، أن تصمد القيادة القطرية في الازمة على أمل أن تتغير المعطيات التي سمحت بهذا التصعيد السعودي الامارتي وتخرج بأقل الخسائر الممكنة لكنها ستكسب بهذه الحالة اعترافا اقليميا ودوليا باستقلالية قرارها عن بيت اليباب الخليجي.
في الحالتين هناك الكثير مما يخسره الأردن. فالسيناريو الأول سيخلق مزاجا قطريا شعبيا غير ودي ليس تجاه الحكومة الاردنية فقط وإنما ازاء الشعب الاردني والعمال الأردنيين في قطر والذي يقدر عددهم بأكثر من أربعين الفا. وعلينا أن نستوعب أن الشعب القطري ملتف حول القيادة ضد التنمر الخليجي وهو لن ينسى من يقف ضده. وفي الحالة الثانية سيكون النظام القطري أكثر قوة ولن يحترم مواقف الدول التي امتثلت للمطالب السعودية وهنا الحديث عن الأردن.
وفي سياق متصل لنا أن نسأل ماذا لو تمكن البيت الخليجي من اصلاح الوضع وعادت قطر بقيادتها الحالية إلى البيت الخليجي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بمعنى تتخلى قطر عن دعم الاخوان وتغير من الخط التحريري لقناة الجزيرة وتتوقف عن حملاتها الاعلامية ضد نظام السيسي مقابل عدم التعرض لها ولنهضتها؟ هنا سيعرف القطريون النصر بطريقة مختلفة ولن يمنعهم أحد من الاقتصاص من الدول التي ساندت ما يرونه عدوانا خليجيا غير مبرر.
تصريحات وزير الاعلام الاردني الدكتور محمد المومني جاءت مهزوزة وغير مقنعة ولا أعتقد أن الحكومة الأردنية على وجه التحديد درست الأزمة وأسبابها لكنها حكومة نفذت أوامرا صادرة من جهات أكبر منها في سياق الامتثال والتموضع الاقليمي، لا نعرف كيف سيستفيد الاردن من انحيازه للسعودية؟ هل جرى هذا الموقف في سياق تفاهم مع السعودية وعلى أي قاعدة؟ ألم يكن من الممكن أن نحافظ على حيادنا ازاء الاشقاء جميعا والعمل على تقريب وجهات النظر وبخاصة وأن رئاسة القمة العربية هي بيد الملك عبدالله؟ هل تملك القيادة الأردنية معلومات لا نعرفها معشر المتابعين والمحللين تجعل من الانحياز للسعودية والامارات هي الخيار الأمثل وفقا لمعادلة الربح والخسارة؟!
لن أتناول هنا مواقف السعودية والامارات اللتان تستقويان على بلد صغير بحجم قطر، لكن كنت أفكر مليا كيف أضرت قطر بمصالح الأردن! لم تدعم الاخوان المسلمين في الأردن والأردن لا يسمح بذلك وهو يسمح للاخوان بالعمل المشروع وهذا على عكس الدول التي تعادي الاخوان. قطر تفتح اسواقها للبضائع الأردنية وتوفر سنويا فرص عمل للأردنيين أكثر مما توفره الحكومة الأرنية لأبنائها. طبعا لا يمكن تجاهل أن قناة الجزيرة أحيانا تغطي احداثا في الأردن بشكل ينطوي على مناكفات لكن قطر بالمجمل ليست عدوة للاردن حتى ينحاز الأردن ضدها بهذه الطريقة وكأنه أمر دبر في ليل.
لم يسبق ان تكالبت دول كثيرة وقوية على دولة صغيرة كما يجري الآن، هذا لا يعني أن مواقف قطر كلها صائبة، فهناك ملاحظات مشروعة لكن في نهاية الأمر دولة قطر هي صاحبة سيادة على قرارها ولا يمكن اخضاع سياستها الخارجية لتتوائم مع السياسات الخليجية الأخرى.
هناك سيناريوهان للأزمة لا ثالث لهما: أولا، أن ينجح التحالف المعادي لقطر (والذي انضمت له الأردن) في الحاق هزيمة بالقيادة القطرية واجبارها إما على التخلي عن الحكم لصالح شخص آخر أو أن تقوم القيادة الحالية بتقديم التنازلات في سياق اعادة تأهيل النظام القطري ليكون لاعبا مقبولاً ضمن الحدود المسموح بها اقليميا. ثانيا، أن تصمد القيادة القطرية في الازمة على أمل أن تتغير المعطيات التي سمحت بهذا التصعيد السعودي الامارتي وتخرج بأقل الخسائر الممكنة لكنها ستكسب بهذه الحالة اعترافا اقليميا ودوليا باستقلالية قرارها عن بيت اليباب الخليجي.
في الحالتين هناك الكثير مما يخسره الأردن. فالسيناريو الأول سيخلق مزاجا قطريا شعبيا غير ودي ليس تجاه الحكومة الاردنية فقط وإنما ازاء الشعب الاردني والعمال الأردنيين في قطر والذي يقدر عددهم بأكثر من أربعين الفا. وعلينا أن نستوعب أن الشعب القطري ملتف حول القيادة ضد التنمر الخليجي وهو لن ينسى من يقف ضده. وفي الحالة الثانية سيكون النظام القطري أكثر قوة ولن يحترم مواقف الدول التي امتثلت للمطالب السعودية وهنا الحديث عن الأردن.
وفي سياق متصل لنا أن نسأل ماذا لو تمكن البيت الخليجي من اصلاح الوضع وعادت قطر بقيادتها الحالية إلى البيت الخليجي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بمعنى تتخلى قطر عن دعم الاخوان وتغير من الخط التحريري لقناة الجزيرة وتتوقف عن حملاتها الاعلامية ضد نظام السيسي مقابل عدم التعرض لها ولنهضتها؟ هنا سيعرف القطريون النصر بطريقة مختلفة ولن يمنعهم أحد من الاقتصاص من الدول التي ساندت ما يرونه عدوانا خليجيا غير مبرر.
تصريحات وزير الاعلام الاردني الدكتور محمد المومني جاءت مهزوزة وغير مقنعة ولا أعتقد أن الحكومة الأردنية على وجه التحديد درست الأزمة وأسبابها لكنها حكومة نفذت أوامرا صادرة من جهات أكبر منها في سياق الامتثال والتموضع الاقليمي، لا نعرف كيف سيستفيد الاردن من انحيازه للسعودية؟ هل جرى هذا الموقف في سياق تفاهم مع السعودية وعلى أي قاعدة؟ ألم يكن من الممكن أن نحافظ على حيادنا ازاء الاشقاء جميعا والعمل على تقريب وجهات النظر وبخاصة وأن رئاسة القمة العربية هي بيد الملك عبدالله؟ هل تملك القيادة الأردنية معلومات لا نعرفها معشر المتابعين والمحللين تجعل من الانحياز للسعودية والامارات هي الخيار الأمثل وفقا لمعادلة الربح والخسارة؟!
لن أتناول هنا مواقف السعودية والامارات اللتان تستقويان على بلد صغير بحجم قطر، لكن كنت أفكر مليا كيف أضرت قطر بمصالح الأردن! لم تدعم الاخوان المسلمين في الأردن والأردن لا يسمح بذلك وهو يسمح للاخوان بالعمل المشروع وهذا على عكس الدول التي تعادي الاخوان. قطر تفتح اسواقها للبضائع الأردنية وتوفر سنويا فرص عمل للأردنيين أكثر مما توفره الحكومة الأرنية لأبنائها. طبعا لا يمكن تجاهل أن قناة الجزيرة أحيانا تغطي احداثا في الأردن بشكل ينطوي على مناكفات لكن قطر بالمجمل ليست عدوة للاردن حتى ينحاز الأردن ضدها بهذه الطريقة وكأنه أمر دبر في ليل.
لم يسبق ان تكالبت دول كثيرة وقوية على دولة صغيرة كما يجري الآن، هذا لا يعني أن مواقف قطر كلها صائبة، فهناك ملاحظات مشروعة لكن في نهاية الأمر دولة قطر هي صاحبة سيادة على قرارها ولا يمكن اخضاع سياستها الخارجية لتتوائم مع السياسات الخليجية الأخرى.