مقابلة الرئيس ..عزف على سمفونية الصبر ..و محاولة افشال وتعرية؟!
جو 24 :
أحمد الحراسيس - ظهر رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي عبر شاشة التلفزيون الأردني، الجمعة، بعد غياب طويل أثار كثيرا من الأسئلة بين المواطنين، خاصة في ظلّ أحداث كبيرة عاشها الشارع الأردني وانتظروا تعليقا أو مداخلة عليها من الرئيس، ولكن دون فائدة..
تمسمر الناس أمام شاشات التلفاز متلهفين لما سيقوله الرجل بعد هذا الغياب، وشنّفوا آذانهم جيّدا، وضبطوا الساعات و الأولاد.. واخيرا بدأ اللقاء ، الناس تنتظر بهلفة وتتساءل : هل تراه يفعلها ؟ هل من انفراجة ؟ هل من زيادة على الرواتب ؟ هل استعادت الحكومة على الاقل جزءا من الاموال المنهوبة؟ هل قرر الملقي الزج بعدد من كبار الفاسدين في السجون ؟ هل باشر حملته على المتهربين ضريبيا ؟ ...مئات الاسئلة تدور في خلد الناس ،عسى ان يجيب على واحدة منها على الاقل ..
وبدأ الحوار الذي استمرّ 53 دقيقة برتابة موجعة .. مرّت الدقائق السبع الأولى ثقيلة والرئيس يتحدث عن الانتخابات البلدية واللامركزية، وانتقل إلى محور "الاصلاح" وتشعّب فيه حتى تعبت أفواه المشاهدين من التثاؤب، انقلب الحوار وتحوّل، من حوار ولقاء مع رئيس وزراء ينتظر الشعب كلّ كلمة يقولها إلى مجرّد محلل نفسي واجتماعي وخبير في السلوك البشري.. حتى أننا احترنا فيما يمكن استخلاصه من المقابلة كـ "خبر"!
تطرّق الرئيس في حديثه - غير الشيق - عن نجاعة الحلول التي اتخذتها الحكومة في مجال "الاصلاح الخدمي" قائلا : إن الشكاوى من انقطاع المياه تلاشت في الصيف الحالي،الى هنا انتهى الاقتباس .. لم نفهم المقصود، هل يعتبر الرئيس هذا انجازا لحكومته؟! ولكن مهلا، الشكاوى تلاشت منذ نحو ثلاثة أعوام.. وتحديدا منذ جرّ مياه الديسي إلى العاصمة عمان وغيرها من المدن،...
وأما فيما يتعلق بالاصلاح في قطاع التعليم، فالواضح أن الرئيس غير مطّلع البتة على المؤامرات التي تُحاك في وزارة التعليم العالي ، واللوبيات التي يقودها رؤساء جامعات ورؤساء مجالس أمناء لعرقلة كل مساعي الاصلاح والتطوير والتغيير ..
يبدو أن الرئيس لم يطّلع على توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية والتي أكدت على ضرورة توفير خدمة تعليم متميزة في المحافظات كما هو الحال عليه في العاصمة عمان، إلى جانب تأهيل المعلمين وتقديم امتيازات مالية لهم، فهل اقتصر الأمر في مجال التعليم على انشاء مركز وطني لتطوير المناهج لم نعد نسمع شيئا عنه؟!!
وفي مجال الاصلاح، أبدى الرئيس اعجابه بمصطلح "الاصلاح الشامل المتدرج"، ولعل كلمة المتدرّج أعجبته كثيرا لما لها من قدرة خارقة على اخفاء شحّ الانجاز الحكومي في أي مجال، غير أنه اخطأ بالقول "المهمّ في الاصلاح أن نشعر بأننا في حال أفضل"، فالواقع أن المواطنين لا يشعرون أبدا أننا في حال أفضل، لا بل على العكس تماما؛ الناس اوضاعهم الاقتصادية من سيئ الى اسوء ، - ونحن هنا نتجنب الاشارة الى موضوع الاصلاح السياسي عن قصد - فهل تراجعتم يا دولة الرئيس عن نهج الجباية حتى يتنفس الناس الصعداء على الاقل ؟
جاهد المواطنون أنفسَهم خلال المقابلة ومنعوها من النوم ، وذلك بانتظار أن ينطق الرئيس بكلمة مفيدة، انتظروا أن يعلن مثلا عن زيادة على مرتباتهم الثابتة منذ 15 عاما، ولكنه تحدث عن موظفي القطاع العام دون أن يتطرق لمرتبات الموظفين المتآكلة وذهب الانتظار ادراج الرياح ، وخسر الناس ساعة نوم دون فائدة..
الملقي لم يكتفِ خلال اللقاء (...) بتجنّب الحديث عن تحسين أوضاع المواطنين الاقتصادية وموظفي القطاع العام، لا بل حمّلهم مسؤولية فشل حكومته بتشجيع الاستثمار ، فقال إن شبابنا "الباحثين عن عمل" عندما تأتيهم الفرصة ينخرطون في المشروع شهرا ثمّ "يزعل أحدهم ويترك العمل" وهذا يشكّل عاملا منفّرا للمستثمرين، بحسب الرئيس، يا سلام ،فعلا قراءة موضوعية عميقة للمشهد !
- الرئيس استعرض خلال اللقاء انجازا حكوميا يتمثّل بـ "الامتناع عن رفع اسعار 91 سلعة"، ملتفا على حقيقة أن حكومته قامت برفع أسعار السلع والخدمات جميعا "باستثناء 91 سلعة".
وأخيرا تحدّث الرئيس عن حادثة السفارة الاسرائيلية، ويا ليته لم يفعل ، ولم يأتِ على ذكرها أبدا؛ فقد أبدى الملقي اعجابا بتعاطي حكومته مع الحادثة، رغم قوله بإنها لم تكن تعرف الحقيقة الا بعد مرور ثلاث ساعات على الحادثة ،مؤكدا ان عدد الروايات التي كانت بين يدي الحكومة ٦ روايات خلال تلك المدة الزمنية (الثلاث ساعات) !!!! وبدا الرجل وكأنه يستقي معلوماته من الفيسبوك وليس من خلال اجهزة الدولة الامنية ، الله اكبر ، كيف يمكن ان نفسر هذه على الاقل ؟ هل الرئيس في عزلة ؟ هل يريد ان يقول بانه محاصر ؟ لماذا يُضن عليه بالمعلومات وهو الجهاز التنفيذي الذي يفترض ان يتعامل مع الازمة بشكل مباشر ؟ هل سمعنا هذه الكلمات منه فعلا ؟ الا يشكل هذا الكلام اعترافا علنيا بانه "غايب فيله" ؟!!
كما لم يبرر الملقي مخالفة الحكومة للأعراف الدبلوماسية بأن سمحت للقاتل بالعودة إلى الأراضي المحتلة قبل الانتهاء من التحقيقات كاملة، وتسليم القاتل مرفقا بملفّ التحقيق، الذي يتطلب انهاؤه شهر او ثلاثة اشهر على الاقل ..
الأمر الوحيد اللافت في المقابلة كان السؤال الأخير المتعلق ببقاء الحكومة من رحيلها، والذي أجاب عليه الملقي بالقول "أنا وزملائي جنود، ومتى ما قرر صاحب الأمر ترميجنا، فسنكون طوع أمره، إذا ما تولّدت لديه قناعة بضرورة الرحيل فإننا سنرحل، وهذا القناعة تأتي من قناعة الشعب بالحكومة"، كلام كبير ... يبدو ان الرئيس مصمم على استعراض البدهيات على انها كلام كبير وله ابعاد سياسية غاية في الاهمية ..
ثم ماذا عن تركيز الرؤساء في السنوات الاخيرة على دعوة الناس للصبر على الاوضاع الاقتصادية ، الى متى سيظل هؤلاء يرددون سمفونية الصبر النشاز ؟ ارحمونا فما عاد للصبر متسع ..
فشل المقابلة الذريع يتحمله وزير الدولة لشؤون الاعلام ، محمد حسين المومني ، يتحمله مستشارو الرئيس ،فكيف يخرج الى الناس بهذه الهزالة ،اين كنتم اثناء المقابلة ؟ هل المهم هو خروج الرئيس على التلفزيون ، ام ان المهم هو ما سيقوله الرئيس للرأي العام ؟ هل سكت الوزير المومني وطاقمه عن قصد؟ هل هي محاولة افشال وتعريه مقصودة؟؟؟؟؟؟؟!