jo24_banner
jo24_banner

نواعير الجامعة الألمانية

د. م. مراد الكلالدة
جو 24 :

لدينا في الأردن عشر جامعات رسمية وأربعة عشر جامعة خاصة و حوالي (50) كلية تتبع لجامعة البلقاء التطبيقية بين حكومية وخاصة وطبية وعسكرية فما الذي يميز هذه الجامعات بعضها عن بعض من الناحية التخطيطية. 
الحق يقال بأن الإدارة الحكومية الإردنية قد نجحت في التوزيع المكاني للمؤسسات التعليمية الأردنية فهي تغطي جميع المناطق من حيث الكثافة السكانية الحالية أو المخطط لها عن طريق تفعيل هذه المؤسسات الأكاديمية كبؤر تنموية، وقد حاولت وزارة التعليم العالي التنويع عند ترخيص مؤسسات جديدة لتمكين الأردنيين من التواصل مع ما هو سائد من نمط تعليمي في أمريكا وبريطانيا وأستراليا والتي كان آخرها في العام 2005 حيث تأسست الجامعة الألمانية الأردنية كمشروع مشترك بين البلدين وفقاً لترتيبات خاصة.
لقد كانت إنطلاقة هذه الجامعة قوية منذ أن كانت في إستضافة الجمعية العلمية الملكية بعّمان وسرعان ما خططت ونفذت مقرها الدائم في المشّقر الذي أخذ في التأثير على طريق عمّان- مادبا والمرشح أن ينمو كمحور تنموي وحضري يخفف الضغط عن العاصمة.
ما أستطيع إضافته إلى المعلومات السابقة التي أصبحت معروفة للعموم هي بعض الإشارات المتخصصة ذات العلاقة بكلية هندسة العمارة والبيئة المبنية وما الجديد في هذه الكلية التي يمكنها من الإستفادة من التجربة الألمانية في مجال العمارة بالإشارة إلى أحد أهم المدارس المعمارية العالمية والمعروفة بالباو هاوس Bauhaus.
لقد عُرف عن الألمان إهتمامهم بالعمل اليدوي وحاولوا على الدوام الربط بين النظرية والتطبيق العملي، ففي العام 1902 إستدعي المهندس المعماري البلجيكي المعروف هنري فان دي فلده Henry van de Velde لمدينة فايمار Weimar لإعطاء النصح والإرشاد في مادة الحياكة الفنية Kunstgewerbe حيث فتح لهذا الغرض مُحترف تطور إلى المدرسة الحرفية الفنية وبدأت بخريف العام 1907 بالتدريب وضمت هذه المدرسة مشاغل لطباعة وتجليد الكتب وصياغة الذهب وطلاء المعادن النفيسة وحياكة السجاد وصناعة السيراميك. وقد كانت لأفكار هذه المدرسة التجديدة أثراً على الحركة الفنية مما أثار سُخط الإتجاه المحافظ ضيقي الأفق والذين إستطاعوا إبعاد فان دي فلده في العام 1914.
وقد لعبت الأحداث السياسية المتسارعة في أوروبا عامة وفي ألمانيا على وجه الخصوص دوراً في إعادة تشكيل الفكر الفني مما إنعكس على الحركة الفنية بشكل كبير، ففي التاسع من نوفمبر 1918 أجبر كبير النبلاء على التنازل عن العرش وتولى المجلس العسكري والمجلس العمالي معاً مهام حكومة جمهورية فايمار المؤقتة (ساكسن- فايمار- إيزناخ) وإنتخبوا الديمقراطي الإشتراكي أوجست باودرت August Baudert رئيساً. وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى تم الإتيان بالمهندس فالتر جروبيوس Walter Gropius لإدارة المدرسة الفنية تحت مسمى جديد هو الباو هاوس Bauhaus وبالإنجليزية School of Building والتي ركزت على تدريب الأشخاص الموهبين للإرتقاء بهم كحرفيين مبدعين إستناداً إلى مبدأ الربط بين التعليم النظري والعملي حيث قُسم التدريس إلى ثلاثة مراحل هي الفصل التجريبي الذي يشمل الدروس التحضيرية عن الأشكال Form والفصل الثاني عملي لمدة ثلاث سنوات والفصل الثالث نظري بدروس مكثفة في البناء لتنتهي بمشروع التخرج في السنة الدراسية الخامسة.
نعم، هذه هي الميزة التنافسية التي أصبحت علامة مسجلة للألمان والتي تركز على أن الشكل ينبع من الوظيفة كما وصفها المهندس المعماري هانس مير Hannes Meyer الذي خلف جروبيوس في العام 1928 بإدارة الباو هاوس حين قال: إن كل الأشياء في هذا العالم حاصل ضرب الوظيفة بالإقتصاد لهذا فإننا نجد المُطلق في تصميم الكرسي هو هيكل متين للجلوس عليه بطريقة مريحة.
إن هذا السرد التاريخي لأحد أهم المدارس المعمارية الألمانية هو للإشارة إلى حاجتنا في الأردن لمزيد من التركيز على التعليم الحرفي في مهن وصناعة البناء. ولا نريد لهذه الجامعة الفتية لأن تكون نُسخة عن شقيقاتها لأنها ستفقد الميزة التنافسية التي مهدت لها الدولتين، لهذا فنحن بحاجة لرؤية المزيد من الأساتذة الألمان في الجامعة ومزيد من التركيز على المشاريع المشتركة بين الطلاب حتى تستطيع نواعير الجامعة الألمانية المنصوبة أمام مدخلها الرئيسي في المشقر أن تنهل من معين الثقافة الألمانية لملء السواقي الأردنية العطشى.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير