مسخّن عاطف وجميد خليل
د. م. مراد الكلالدة
جو 24 : كنت أحد المدعويين يوم الجمعة على مسخَن فلسطيني في بيت عربي كريم في عمّان، طعام من عمل أهل الدار، مصنوع بنَفس طيب، ومقدم على أطباق من الكَرم ودعوات صادقة بالهناء والشفاء.
معزبنا، عاطف الكيلاني، كان فخوراً بأن الزيت من يعبد بمنطقة جنين بفلسطين وأن الدجاج من هنا. وعندما تأكل لقمة نظيفة من مال نظيف، يسود الشبع، وترتاح النفس وتنفتح الأقاريح للحديث، وللحديث شجون... وخاصة مع رشفة شاي، وبعض من الكنافة النابلسية.
تذكرت في هذه الجلسة الحميمية، القول المعروف، ولا ادري إن كان بيت من شعر أو قول مأثور: لا خير في أمة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما تصنع، وقلت من باب المزاح ... بمناسبة الحديث عن الصحة، سأمتدح الدولة هذه المرة، فسكت الحضور لسماع ماعندي.
الحق يقال بأن هناك محاولات من الدولة الأردنية لإعادة الناس الى الأرض لكي تزرع وتفلح وتصنّع ... فقد فتح الباب للتقدم بعدة مشاريع كان آخرها مشروع تحت عنوان (غذاء وتنمية) والذي يأتي في إطار تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية في مجال تطوير مشاريع التصنيع الغذائي الصغيرة في الأردن المدعوم من برنامج الأمم المتحدة للتنمية بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي، وقد خُصّت به هذه المرة محافظتي عجلون والطفيلة المناسبتين بيئياَ لهذا النوع من النشاطات الإقتصادية.
وقد تشرفت بالمساهمة في الترويج لمثل هذه الأفكار من خلال إدارتي لمشروع تطوير حمامات عفرا المعدنية وقرية السلع في محافظة الطفيلة، والممول من البنك الدولي بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، حيث ركزنا على فكرة تشجيع الأهالي الذين هجروا بساتينهم وبيوتهم في قرية السلع للعيش في مدينة عين البيضاء للعودة الى اراضيهم الزراعية الخصبة، وزراعتها بالأشجار المثمرة، وتربية النحل والأغنام والأبقار والأرانب والدجاج، ونحن بصدد الانتهاء من اعمال التصميم لتوسعة مركز الزوار لكي يحتضن مطعم وقاعة متعددة الأغراض ومتاجر عرض منتجات، تعمل كمنظومة تشاركية بوجود نزل تقليدية جرى ترميمتها لتعمل كنقطة جذب سياحي مرتبطة بالإنتاج وذات اطلالة خلابة على البساتين ولجبال وقلعة السلع التاريخية وجارتها قرية المعطن.
لقد مكننا هذا التواصل مع سيدات ورجال المنطقة من تشجيعهم على التقدم لمأسسة عملهم من خلال برنامج غذاء وتنمية والذي يفتح المجال للعمل في القطاعات الفرعية التالية (1) زيتون المائدة وزيت الزيتون (2) الفواكه المجففة ودبس السكر(3) الخل والمخللات (4) المربيات والعصائر(5) النباتات العشبية والطبية (6) الأغذية التقليدية من خلال الدعم المالي للمنظمات المجتمعية والمبادرات الفردية أو العائلية (7) صناعة الألبان.
إن البرنامج يقدم منح مالية (وليس قروض) بل منح تصل لغاية خمسين ألف دينار لكل مشروع، يرجى منها تمكين المتقدمين من إنشاء أو تطوير مشاريعهم القائمة، جمعيات كانوا أو شركات أو أفراد، فكيف كان التجاوب حتى الآن.
خليل القرارعة، احد المزارعين الطفايلة الذين تعرفت عليهم في أولى زياراتي للمنطقة، سمع عن المشروع واتصل بي طالباً المساعدة في تعبئة النماذج الصعبة والتي تحتاج على حد قوله الى بروفيسور مثلي لتعبئتها، وقد فرحت بذلك كثيراً وسألته فيما اذا حدد القطاع الفرعي الذي يرغب للتقدم من خلاله، فأجابني على الفور ... جميد.
بحثت بين القطاعات المنمّرة، وقلت بأن الجميد يقطع تحت القطاع رقم (7) صناعة الألبان، فقل لي يا خليل، ما هو تصورك لكي اقوم بتفريغه حسب بنود الطلب، فقال اسمع علي.
بنلم الحليب، وبنوخذه على الدار، وبنخظه وبنعمل جميد، وبنبيعه، وسلامة تسلمك. قلت يا خليل، السولافة مي هيك، الجماعة لن يوافقوا على هذه الطريقة، فما رأيك في تأسيس نواة مصنع ألبان يتخصص في مراحله الأولى بالجميد، قال، لا، ما أنا محتاج ... لأنه شغلي موسمي، وفي الموسم ما بلحق على طلبات الزبائن. فقلت، ما دام الوضع هيك، فلماذا لا تحول العمل الموسمي الى شغل على مدار السنه، قال كيف، قلت اسمع علي.
سنقسم المبلغ المطلوب الى ثلاثة اقسام قيمة كل منها 15ألف دينار، الثلث الأول لمدخلات الإنتاج (الغنم الأبيض الذي ينتج الحليب) والثاني لمكان التصنيع والعرض، والثالث لخدمات النقل. وانت الخبير في تفاصيل هذه المراحل، وستكون المساهمة المطلوبة منك والمقدرة ب 20% من خلال الحظيرة التي من الممكن إنشائها في الأرض التي تملكها في بساتين السلع، وستقوم بنقل الحليب بالسيارة المبردة الى دكان يمكن استئجاره في عين البيضاء، وسنخصص نصفه للتصنيع ونصفه الآخر لثلاجات العرض، وسيكون عندك هاتف وانترنت يشتغل عليه اولادك، بعد ان تقوم بتسجيل شركة بعد ابلاغك بالقبول المبدئي وقبول المنحة، تماشياً مع الشروط الموضوعة من قبل الإتحاد الأوروبي لذلك .... ها، شو قلت.
لا ... لا، لويش كل هذا التعب، قال خليل، أنا ما ودي شركة، ولا سيارة مبردة، ولا حتى معرض، قلت ليك، كل شيء بنعمله في الدار.
ولكن يا خليل، هذا يتنافى مع شروط المنحة، ومن صالحك ان تؤسس شركة صغيرة، وتشتري الحلال، وتفتح معرض، وغد بتكبر ويصبح عندك مصنع ألبان، وسميه ... جميد السلع، وستبيع في الأردن والسعودية كمان.
بالكم .... يا أهل الخير، وضيوف هالجمعة الطيبة، خليل مستعد لتغيير رأيه وقبول دعم الدولة، او أنه سيختار الصوت العالي ويظل يلعن ويتوعد.
معزبنا، عاطف الكيلاني، كان فخوراً بأن الزيت من يعبد بمنطقة جنين بفلسطين وأن الدجاج من هنا. وعندما تأكل لقمة نظيفة من مال نظيف، يسود الشبع، وترتاح النفس وتنفتح الأقاريح للحديث، وللحديث شجون... وخاصة مع رشفة شاي، وبعض من الكنافة النابلسية.
تذكرت في هذه الجلسة الحميمية، القول المعروف، ولا ادري إن كان بيت من شعر أو قول مأثور: لا خير في أمة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما تصنع، وقلت من باب المزاح ... بمناسبة الحديث عن الصحة، سأمتدح الدولة هذه المرة، فسكت الحضور لسماع ماعندي.
الحق يقال بأن هناك محاولات من الدولة الأردنية لإعادة الناس الى الأرض لكي تزرع وتفلح وتصنّع ... فقد فتح الباب للتقدم بعدة مشاريع كان آخرها مشروع تحت عنوان (غذاء وتنمية) والذي يأتي في إطار تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية في مجال تطوير مشاريع التصنيع الغذائي الصغيرة في الأردن المدعوم من برنامج الأمم المتحدة للتنمية بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي، وقد خُصّت به هذه المرة محافظتي عجلون والطفيلة المناسبتين بيئياَ لهذا النوع من النشاطات الإقتصادية.
وقد تشرفت بالمساهمة في الترويج لمثل هذه الأفكار من خلال إدارتي لمشروع تطوير حمامات عفرا المعدنية وقرية السلع في محافظة الطفيلة، والممول من البنك الدولي بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، حيث ركزنا على فكرة تشجيع الأهالي الذين هجروا بساتينهم وبيوتهم في قرية السلع للعيش في مدينة عين البيضاء للعودة الى اراضيهم الزراعية الخصبة، وزراعتها بالأشجار المثمرة، وتربية النحل والأغنام والأبقار والأرانب والدجاج، ونحن بصدد الانتهاء من اعمال التصميم لتوسعة مركز الزوار لكي يحتضن مطعم وقاعة متعددة الأغراض ومتاجر عرض منتجات، تعمل كمنظومة تشاركية بوجود نزل تقليدية جرى ترميمتها لتعمل كنقطة جذب سياحي مرتبطة بالإنتاج وذات اطلالة خلابة على البساتين ولجبال وقلعة السلع التاريخية وجارتها قرية المعطن.
لقد مكننا هذا التواصل مع سيدات ورجال المنطقة من تشجيعهم على التقدم لمأسسة عملهم من خلال برنامج غذاء وتنمية والذي يفتح المجال للعمل في القطاعات الفرعية التالية (1) زيتون المائدة وزيت الزيتون (2) الفواكه المجففة ودبس السكر(3) الخل والمخللات (4) المربيات والعصائر(5) النباتات العشبية والطبية (6) الأغذية التقليدية من خلال الدعم المالي للمنظمات المجتمعية والمبادرات الفردية أو العائلية (7) صناعة الألبان.
إن البرنامج يقدم منح مالية (وليس قروض) بل منح تصل لغاية خمسين ألف دينار لكل مشروع، يرجى منها تمكين المتقدمين من إنشاء أو تطوير مشاريعهم القائمة، جمعيات كانوا أو شركات أو أفراد، فكيف كان التجاوب حتى الآن.
خليل القرارعة، احد المزارعين الطفايلة الذين تعرفت عليهم في أولى زياراتي للمنطقة، سمع عن المشروع واتصل بي طالباً المساعدة في تعبئة النماذج الصعبة والتي تحتاج على حد قوله الى بروفيسور مثلي لتعبئتها، وقد فرحت بذلك كثيراً وسألته فيما اذا حدد القطاع الفرعي الذي يرغب للتقدم من خلاله، فأجابني على الفور ... جميد.
بحثت بين القطاعات المنمّرة، وقلت بأن الجميد يقطع تحت القطاع رقم (7) صناعة الألبان، فقل لي يا خليل، ما هو تصورك لكي اقوم بتفريغه حسب بنود الطلب، فقال اسمع علي.
بنلم الحليب، وبنوخذه على الدار، وبنخظه وبنعمل جميد، وبنبيعه، وسلامة تسلمك. قلت يا خليل، السولافة مي هيك، الجماعة لن يوافقوا على هذه الطريقة، فما رأيك في تأسيس نواة مصنع ألبان يتخصص في مراحله الأولى بالجميد، قال، لا، ما أنا محتاج ... لأنه شغلي موسمي، وفي الموسم ما بلحق على طلبات الزبائن. فقلت، ما دام الوضع هيك، فلماذا لا تحول العمل الموسمي الى شغل على مدار السنه، قال كيف، قلت اسمع علي.
سنقسم المبلغ المطلوب الى ثلاثة اقسام قيمة كل منها 15ألف دينار، الثلث الأول لمدخلات الإنتاج (الغنم الأبيض الذي ينتج الحليب) والثاني لمكان التصنيع والعرض، والثالث لخدمات النقل. وانت الخبير في تفاصيل هذه المراحل، وستكون المساهمة المطلوبة منك والمقدرة ب 20% من خلال الحظيرة التي من الممكن إنشائها في الأرض التي تملكها في بساتين السلع، وستقوم بنقل الحليب بالسيارة المبردة الى دكان يمكن استئجاره في عين البيضاء، وسنخصص نصفه للتصنيع ونصفه الآخر لثلاجات العرض، وسيكون عندك هاتف وانترنت يشتغل عليه اولادك، بعد ان تقوم بتسجيل شركة بعد ابلاغك بالقبول المبدئي وقبول المنحة، تماشياً مع الشروط الموضوعة من قبل الإتحاد الأوروبي لذلك .... ها، شو قلت.
لا ... لا، لويش كل هذا التعب، قال خليل، أنا ما ودي شركة، ولا سيارة مبردة، ولا حتى معرض، قلت ليك، كل شيء بنعمله في الدار.
ولكن يا خليل، هذا يتنافى مع شروط المنحة، ومن صالحك ان تؤسس شركة صغيرة، وتشتري الحلال، وتفتح معرض، وغد بتكبر ويصبح عندك مصنع ألبان، وسميه ... جميد السلع، وستبيع في الأردن والسعودية كمان.
بالكم .... يا أهل الخير، وضيوف هالجمعة الطيبة، خليل مستعد لتغيير رأيه وقبول دعم الدولة، او أنه سيختار الصوت العالي ويظل يلعن ويتوعد.