jo24_banner
jo24_banner

مفاجأة الملقي.. ضريبة إبادة الطبقة الوسطى!

مفاجأة الملقي.. ضريبة إبادة الطبقة الوسطى!
جو 24 :
 كتب تامر خرمه -التسريبات التي نشرت مؤخرا حول مشروع قانون ضريبة الدخل المعدّل، قد لا تكون أكثر من بالون اختبار، لمراقبة ردود أفعال الطبقة ما دون الوسطى، الموشكة على الانقراض، بعد إثارة نيّة حكومة د. هاني الملقي باستهداف هذه الطبقة مجدّداً، واقتطاع نحو 10% من رواتب العاملين، التي تتراوح ما بين 500-600 دينار.

ومن جهته قال وزير الدولة لشؤون الإعلام، د. محمد المومني، في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية "بترا"، إن المعلومات والأرقام التي يتم تداولها حول تعديلات القانون هي مجرّد "مقترحات"، في إشارة رسميّة إلى أن المسألة ربّما تتجاوز كونها بالون اختبار، إلى أمر واقع، لا يملك المواطن سوى الرضوخ له، والتعايش مع حلقة جديدة من حلقات الإفقار الممنهج، والتدمير المستمرّ، لأيّة إمكانيّة بحياة لائقة على أرض الوطن.

ليس من المقبول على الإطلاق أن يكون استهداف أصحاب المداخيل ما دون المتوسّطة وارداً حتّى في سياق "الاقتراح"، خاصّة وأن هذه الطبقة هي من يزوّد خزينة الدولة بأكثر من 70% من الإيرادات المحليّة، عبر مختلف أنواع الضرائب المتصاعدة، وفي مقدّمتها ضريبة المبيعات. أرقام الموازنة العامة للعام 2017 تكشف أن الإيرادات المحلية بلغت 7342000 ألف دينار، منها 5201000 ألف دينار إيرادت ضريبية.

كان هذا قبل استعار ضريبة المبيعات مجدّدا، فما أن فرغت الحكومة من انتزاع "الشرعية النيابية" لقانون الموازنة العامّة، حتى شرعت بفرض المزيد من الضرائب على السلع الأساسيّة، إمعاناً في استهداف الفقراء وأصحاب المداخيل الضئيلة.

وهكذا تضاءلت القدرة الشرائيّة للراتب المحدود، في ظلّ الارتفاع المتواصل لأسعار مختلف السلع والخدمات. واليوم تريد الحكومة اقتطاع 10% من دخلك في حال بلغ راتبك السنوي 6 آلاف دينار. ببساطة عليك أن تدفع للحكومة 50 دينار شهريّاً، رغم عدم قدرة راتبك على الصمود حتى منتصف الشهر في معظم الأحوال!

أضف إلى هذا إشارة بعض "المقترحات" إلى اعتزام الحكومة فرض ضرائب أخرى على عقود الإيجار السكنيّة والتجاريّة، يعني استهداف جديد للعائلات التي تقتات من بدل إيجار منزل، ولأصحاب المشاريع الصغيرة، الذين بالكاد يصمدون في مواجهة "حيتان" السوق، والشركات شبه الاحتكاريّة.

والتساؤل الذي يفرض نفسه دائما، لماذا يحرّم على المشرّع التفكير بالاقتراب أو المساس بمصالح "الحيتان" والشركات الكبرى، وقطاع رأس المال المالي. ألاّ يستوجب المنطق تحميل هذه الشريحة التي تستحوذ على كلّ خيرات البلد، جزء من مسؤوليّاتها؟ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى ألا تكفي معالجة ظاهرة التهرّب الضريبي، الذي يمارسه كبار أصحاب رؤوس الأموال، لحلّ معظم المشاكل الاقتصاديّة، التي تفاقمها وصفات صندوق النقد الدولي المعلّبة؟ كان الأجدى مناقشة مقترحات تضع حدّاً لهذه الظاهرة، والبدء بإجراءات حاسمة لاسترداد ما نهب من أموال الدولة، عوضا عن اللجوء -كالعادة- إلى أصحاب الدخل المحدود، لتسديد ثمن فشل السياسات الاقتصاديّة.

رجالات "البزنس" هم من يتحكمون بالقرار السياسي والاقتصادي. هذا لا يخفى على أحد اليوم، لذا فمن الطبيعي أن تكون كلّ الحلول "المقترحة" أبعد ما يكون عن المساس بمصالحهم، ولكن هل نجحت تلك الحلول بحل الأزمة المتفاقمة؟ ومادام الواقع يثبت يوما بعد يوم فشل السياسات التي تجترحها الشريحة المخمليّة، فلماذا يكون على الفقراء تسديد الثمن؟!

وفي النهاية إن ضريبة الدخل تعدّ ضريبة "مواطنة"، بمعنى أن المواطن لا يحصل على خدمات مباشرة منها، وفق وجهة النظر الرسميّة، وإنّما يتيح دفعها المشاركة في صنع القرار السياسي. طيّب إذا كنتم تريدون اقتطاع 10% من رواتب أصحاب الدخل المحدود، فأين هي الشراكة في صنع مثل تلك القرارات، التي ترفضها الغالبيّة العظمى من الناس؟!
تابعو الأردن 24 على google news