jo24_banner
jo24_banner

إصلاح النظام الضريبي.. العدل أوّلاً!

إصلاح النظام الضريبي.. العدل أوّلاً!
جو 24 :
كتب تامر خرمه -

صحيح أن غالبيّة المواطنين "يتمتّعون" بالإعفاء من ضريبة الدخل، وهي الذريعة التي استند إليها مروّجوا التسريبات المتعلّقة بتعديل قانون الضريبة، وذلك لسبب بسيط للغاية، هو أن معظم الأردنيّون هم من الفقراء أو أبناء الطبقة ما دون الوسطى، حيث أن الرفاهية، بل وحتى الحياة الكريمة في هذا البلد، تقتصر على نسبة ضئيلة جداً من أبناء طبقة الكريما، إلى جانب أصحاب الرقاب الحمراء، الذين يديرون استثماراتهم في ظلّ تسهيلات وإعفاءات خياليّة.

منذ أن بدأ الرسميّون بنهج الخصخصة وبيع ممتلكات ومقدّرات الدولة لكلّ من هبّ ودبّ، ونحن نسمع الوعود البرّاقة بدوران عجلة الإنتاج، وتحقيق النمو الاقتصادي، وتوفير مساحة أكبر للعيش الكريم. طيّب ماذا تقول الأرقام؟ عام 1976 بلغ معدّل نمو إجمالي الناتج المحلي للأردن 24.3%، وقد انخفض إلى 4.25% في العام 2000، وبعد 10 سنوات من مسيرة الخصخصة انخفض إلى 2.31%، وإلى 2% في العام 2016. هذه الأرقام التي تفصح عنها بيانات صندوق النقد الدولي، ذات الجهة التي تستمر بالضغط على الأردن من أجل تطبيق وصفات ثبت فشلها.

ترى، أين يذهب فائض القيمة الذي تحقّقه الشركات الأجنبيّة جرّاء عملها في الأردن، مقابل تسهيلات غير عادلة بالنسبة للدولة والمجتمع؟ طيّب دعنا من الاستثمار الأجنبي، ماذا عن أعضاء نادي "البيزنيس" الذين يتحكّمون بسياسة الدولة ويمسكون بالاقتصاد الوطنيّ من رقبته؟! ولماذا لا يتحمّلون هم مسؤوليّة التدهور الناجم عن قراراتهم؟

صندوق النقد الدولي الذي يصرّ على الاستمرار بضغوطه على الأردن، لرسم سياسات اقتصاديّة منحازة ضدّ الغالبيّة العظمى من الناس، يتجاهل حقيقة تخلّي العالم عن الأردن، رغم توريطه سياسيّاً بالأزمات الإقليميّة الناجمة عن عبث "الرجل الأبيض" و"عباءات النفط" في المنطقة، واستمرار توافد الأشّقاء اللاجئين منذ بداية التاريخ السياسي للمملكة وحتّى اليوم. وفقا للموازنة العامّة للعام الجاري فقد تراجعت المساعدات الخارجيّة خلال سنة واحدة من 814 مليون دينار إلى 777 مليون دينار.

ومع هذا، يصرّ صنّاع القرار على اجترار ذات الوصفات العبثيّة، التي لن تقود سوى إلى سحق ما تبقّى من الطبقة الوسطى. الإصلاح الاقتصادي يستوجب إصلاح المنظومة السياسيّة- الاقتصاديّة برمّتها، وتفعيل دور كلّ المؤسّسات الرسميّة، ابتداء بوزارة التخطيط والتعاون الدولي وليس انتهاء بوزارة الخارجيّة، عوضا عن اللجوء لحلول جزئيّة يستمرّ استيرادها رغم فشلها.

كما أن إصلاح النظام الضريبي لا يمكن أن يتحقّق بخطوات لا تستهدف إلاّ ذوي الدخل المحدود، خلال سنة واحدة، ازدادت قيمة الضرائب بنسبة 20%، حيث شكلت ضريبة المبيعات 61% من مجمل الإيرادات الضريبيّة للعام 2017، هذا قبل أن ينتزع رئيس الوزراء د. هاني الملقي 567 مليون دينار أخرى من جيوب الغلابى، في حين أن الجمارك مثلا لا تشكّل أكثر من 6.9% من مجمل هذه الإيرادات.

تريد أن توسّع شريحة دافعي ضريبة الدخل؟ لم لا، ولكن قبل هذا ينبغي إصلاح النظام الضريبيّ برمّته، وإلغاء الضرائب الأخرى غير المبرّرة على الإطلاق، والتي يكاد الهواء أن يكون هو الاستثناء الوحيد الناجي من إخضاعه لها، وبعد ذلك ينبغي احتساب الضريبة استناداً إلى القدرة الشرائيّة للناس، وبشكل تصاعديّ، تتحمّل فيه كبرى البنوك والشركات الكبرى حصّة الأسد، وخاصّة الشركات الأجنبيّة، التي تتحكّم بكلّ شيء في هذا البلد، دون أن يعود ما تحقّقه من قيمة فائضة بأيّ خير.
تابعو الأردن 24 على google news