jo24_banner
jo24_banner

عن "شماغ" الملقي ونظّاراته!

عن شماغ الملقي ونظّاراته!
جو 24 :
كتب تامر خرمه -

رئيس الوزراء د. هاني الملقي، الذي عوّدنا على الاختباء من كلّ وسائل الرصد خلال مختلف الأزمات والمطبّات السياسيّة، أطلّ على المشهد الإعلامي منذ يومين، وتفضّل بتصريحات قال فيها إنه تخفّى بـ "شماغ" ونظّارة، ليكتشف الوسائل التي يلجأ إليها بعض التجّار للتهرّب من الضرائب.

الرئيس قال إنه ذهب إلى السوق برفقة ابنه مرتدياً "شماغا" ونظّارة، وعندما دخل الأخير إلى المحلّ التجاري، عاد ليبلغ والده أن التاجر عرض عليه بطارية بـ (135) دينارا بدون فاتورة، وبـ (145) دينارا مع فاتورة. جاء هذا في لقاء جمع الملقي بأعضاء غرفة تجارة عمّان، حيث أضاف أنّه خلع "الشماغ" وكشف عن هويّته للتاجر، مؤكّداً أنّه سيلقى حسابه لتلاعبه بالفواتير.

هذه الحادثة تذكّرنا بالقصص الرومانسيّة للفرسان والسلاطين والأمراء، الذين حكموا فعدلوا فناموا! جميل أن يتنكّر الرئيس، ويتجوّل في الأسواق كمحترف ينافس الجهات المختصّة بتحريّاته الهادفة لضبط المتهرّبين، وإعادة أموال الدولة إلى الخزينة. جهد مبارك سيّدي الرئيس!

ولكن هل يمكن إطلاق العنان للمخيّلة بعض الشيء، ونتصوّر الرئيس بـ "شماغه ونظّاراته"، وهو يتحرّى أنباء كبار اللصوص الذين نهبوا مال الدولة، وأصحاب "البزنس" الذين لا تعرف الضريبة شيء عن أموالهم، والذين طالما كانت القوانين برداً وسلاماً على مدّخراتهم؟!

المسألة لا تحتاج إلى "شماغ" بصراحة. الرئيس -كأيّ أردنيّ- يعلم تماماً أنباء هذه الشركات، وأخبار الأيادي المتخفية بالقفّازات الحريريّة، والتي تعبث بمال الناس ليل نهار، دون حسيب أو رقيب.

لعبة التخفّي واللجوء إلى المغامرات الرومانسيّة لن تنتشل البلد من أزمتها الاقتصاديّة الخانقة، كما أنّها لن تصبّ في رصيد شعبيّة الرئيس المفقودة. هذا ليس هو دورك يا رئيس الوزراء، الأصل أن تمارس الولاية العامّة، وتستردّ ما نهب من أموال الناس، عوضاُ عن التجوّل لشراء "البطّاريّات"، ورفع الأسعار، واستهداف الطبقات الشعبيّة بضرائب لا تعدّ ولا تحصى.

أمّا إذا كان الهدف من هذه التصريحات يدور في فلك "الدعاية والإعلان" لتعديلات قد تجرى على قانون الضريبة، وسحق ما تبقّى من الطبقة الوسطى، وما دون الوسطى، فلعبة التخفّي ليست هي الوسيلة الناجحة، بل على العكس تماماً، قد تكون مصدر تندّر في أحسن الأحوال.

عوضاً عن التجوّل في الأسواق بنظّارة (على الأرجح أنّها كانت سوداء ومن أثمن الماركات)، كان الأجدى سنّ قوانين عادلة، تحقّق العدالة الاجتماعيّة، وتقلّص الفارق الطبقي الهائل، الذي يهدّد استقرار البلاد. الناس لن يتخلوا عن مطلبهم المشروع، بفرض ضريبة تصاعديّة، بحيث يتحمّل الأثرياء وأصحاب الشركات الكبرى مسؤوليّاتهم، التي طالما ألقيت على ظهور الغلابى.

ترى، هل يملك الرئيس، الذي طالما أتقن التخفّي خلال مختلف المطبّات، أن يقترب من أموال طبقة الكافيار؟! أم أنّه سيواصل ارتداء النظّارات السوداء، التي لا تمكّن صاحبها إلاّ من رؤية خبز الفقراء، وتصيّد قوت يومهم.
 
 
 
تابعو الأردن 24 على google news