مهارات الرئيس.. من دهن المواطن سقّيله!
جو 24 :
تامر خرمه -
مهارات رئيس الوزراء، د. هاني الملقي، في العثور على أغرب الوسائل لانتزاع آخر قرش في جيبك، لا تكاد تنتهي. مشكلة الرئيس الوحيدة أنّ أساليبه مكشوفة للغاية، ولكن قد يكون الرجل غير مباليا بذلك. آخر الأساليب التي لجأ إليها لعصر جيوب الفقراء يمكن تلخيصه بالمثل الشعبي القائل: "من دهنه.. سقّيله"!
بداية قرّرت حكومة الملقي فرض المزيد من ضرائب المبيعات، وما كاد المواطن أن يمتصّ الصدمة، حتّى استقبل مفاجأة الرئيس المتمثّلة بنيّته رفع الدعم عن أهمّ السلع الأساسيّة، وفي مقدّمتها "الخبز". وبعبقريّة منقطعة النظير، خرج علينا الرجل عبر تصريحات حاول خلالها تجميل الموقف، حيث قال: "إن الأموال التي سيتمّ تحصيلها نتيجة التعديلات على ضريبة المبيعات سيتمّ تقديمها كدعم للمواطنين".
جاء هذا خلال لقاء جمعه بكتلة التجديد النيابيّة يوم الثلاثاء، حيث حاول التسويق لابتكاره المسمّى بـ "شبكة الأمان الاجتماعي". تلك الشبكة التي يدفع المواطن مواردها من خلال الضرائب الجديدة، ليتلقّى جزء ممّا يدفعه كدعم، يعوّض به شيء من فارق الأسعار، الذي سينجم عن رفع الدعم عن الخبز وغيره من السلع.
ولكن يا ترى أين سيذهب فائض هذه العمليّة، التي تعكس معادلتها حقيقة كونها عمليّة تجاريّة، الخاسر الوحيد فيها هو دافع الضرائب من أبناء الطبقات الوسطى والفقيرة، الذي سيتلقّى جزء بسيطاً ممّا سيدفعه تحت عنوان: "شبكة الأمان الاجتماعي".
من الواضح أن هذه "الشبكة" هي المصيدة التي يعدّها الدوّار الرابع لآخر ما تبقّى في جيوب الناس. ولكن لم كلّ هذه الدبلوماسيّة المكشوفة، أوّ بالأحرى ما هو مبرّر هذا الاستخفاف بذكاء الأردنيّين؟!
الأنكى من هذا أنّه بالتزامن مع تصريحات الرئيس، قال عماد فاخوري، وزير التخطيط والتعاون الدولي، "إن الحكومة تواصل تحقيق الازدهار للمواطنين" بل وأنّها تواصل أيضاً "الإصلاح الشامل"، وذلك "رغم التحديات القائمة والاستثنائية التي يواجهها الأردن".
مؤسف احتقار اللغة إلى هذه الدرجة. كيف يفسّر معالي الوزير انسجام مفردة "ازدهار" مع مرارة الواقع الذي أغرقنا فيه الفريق الوزاري الذي ينتمي إليه؟ أيّ ازدهار يمكن أن يتحقّق بعد استهداف الناس في خبزهم، ومصادرة أموالهم بشتّى صنوف الضرائب غير المبرّرة، تحت عنوان "الأمان الاجتماعي".
"عندما لا تعود الكلمات تعبّر عن معانيها.. يكون الانحطاط".. هذه المقولة لقائد الثورة البلشفيّة فلاديمير لينين تعبّر تماماً عمّا يعانيه الناس من واقع اقتصاديّ بالغ الانحطاط. من المضحك المبكي محاولة تجميل هذا الواقع عبر "اتّهامه" بـ "الازدهار"، أو الحديث عن "الإصلاح الشامل" في ظلّ تراجع الحريّات، وتدهور الأوضاع الاقتصاديّة، والمتاجرة بأرزاق الفقراء، وبناء المدن الجديدة من لقمة عيشهم.
"عمّان الجديدة" هي ما يشغل بال الرئيس هذه الأيّام.. فالأثرياء وطبقة الحكم يحتاجون لعاصمة خاصّة بهم، خالية من الفقراء والمحرومين.. ولكن على هؤلاء الفقراء دفع ثمن بناء هذه المدينة، من خلال ضرائب غير منصفة، وتحمّل تخلّي الدولة عن دعم السلع الأساسيّة، وفي نهاية المطاف، يريد الرئيس إقناعنا بأن هذا هو ما يمكن وصفه بـ "شبكة الأمان". أمان من يا دولة الرئيس؟