2024-05-14 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

تصريحات المومني وعسر الهضم!

تصريحات المومني وعسر الهضم!
جو 24 :
تامر خرمه-

تصريحات عسيرة على الهضم، لا تكاد تستوعب إحداها، حتّى يصدمك وزير الدولة لشؤون الإعلام، د. محمد المومني، بأخرى أكثر عنفاً، واستخفافاً بعقول الناس. آخر ما ندى عن لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة يتلخّص بأن المواطن ورغباته ومصالحه لا وجود لها على الإطلاق في قواميس الدوّار الرابع.

المومني أعلنها بشكل واضح وصريح: "الحكومة لا تبحث عن الشعبويّة"، وذلك خلال لقائه الأسبوعيّ، الذي يبثّه كلّ من التلفزيون والإذاعة الرسميين. بمعنى أن حكومة الملقي ستمضي بذات القرارات غير الشعبيّة، رغم تناقضها مع إرادة الناس، ومهما كانت النتائج!

يبدو أن الرجل يصرّ على تناسي جوهر وماهيّة السلطة التنفيذيّة، التي يفترض أن تقوم بترجمة قرارات الشعب، باعتباره مصدر السلطات، وباعتبار أن العقد الاجتماعي يستند إلى تفويض الناس لهذه السلطة من أجل إدارة شؤونهم وفق مصالحهم وتوجّهاتهم هم، وليس وفق نزوة رئيس أو ميل وزير.

لا يدفع المواطن كلّ هذه الضرائب، التي تستند إليها خزينة الدولة أكثر من أيّ مصدر آخر، من أجل حكومة "لا تبحث" عن الشعبيّة. في حال كان الأمر كذلك فعلى هذه الحكومة الرحيل قبل تأزيم الوضع أكثر من ذلك، فالمرحلة في غاية الخطورة، والناس لا يمتلكون صبر النبيّ أيّوب.

عن ماذا تبحث الحكومة يا ترى، إن لم تكن شعبيّتها، أو لنقل شرعيّتها الشعبيّة؟ أهي مصالح ذات النخبة الاقتصاديّة التي باتت تهيمن على كلّ مفاتيح صنع القرار؟! ينبغي على وزير الدولة أن يتذكّر كون حكومته العتيدة تعمل لدى الناس. نعم، الشعب هنا هو ما يمكن وصفه بصاحب العمل، أمّا في حال الإصرار على العمل لدى تلك النخبة، فلتقم هي بالإنفاق على الخزينة التي يتلقّى منها موظّفو الدوار الرابع رواتبهم الضخمة!

كيف يمكن أن يقول ناطق رسمي باسم أيّة حكومة على وجه الأرض مثل هذه العبارات، في تحدّ جامح للإرادة الشعبيّة ولكافّة أسس العقد الاجتماعيّ. إذا كنت لا تأخذ شرعيّتك الشعبيّة بعين الاعتبار، فكيف بحقّ أيّ منطق تؤمن بعدالة بقائك في منصبك؟!

المضحك في تصريحات صاحبنا أنّه أصرّ على العزف على اسطوانة "التحديات الاقتصاديّة" في ذلك اللقاء، وكأنّ هذه التحديات وليدة اليوم، وليست نتيجة منطقيّة للسياسة الاقتصاديّة ذاتها، التي سنّتها الحكومات المتعاقبة على حكومة أبو الراغب، قبل أن تبلغ ذروتها في مرحلة حكومة النسور.

هذه السياسات يا جهابذة الدوّار الرابع هي ما أوصلتنا إلى ما نعانيه اليوم من تحديات. الوصفات المعلّبة التي يتمّ استيرادها من صندوق النقد والبنك الدوليين، والانحياز إلى طبقة السراويل البيضاء، واللجوء المستمرّ إلى جيوب الفقراء، مقابل بيع البلاد بالجملة والتجزئة للمستثمرّ الأجنبيّ، دون أيّة ضمانة للحفاظ على دوران عجلة الإنتاج، ودون فرض ضرائب عادلة، كلّ هذا وتتوقّع ألاّ يواجه الأردن "تحديات اقتصاديّة".

الغريب أن حكومة الملقي تصرّ على تصويب الخلل باستخدام ذات النهج الذي تسبّب به، ترى ما هي المفردة المناسبة لوصف هذا؟ نتائج استطلاع الرأي التي عكست تقييم المواطنين للأداء الحكومي خلال عام تجيب على هذا التساؤل. أمّا أن تعلّق الحكومة على هذه النتائج بالقول إنّها لا تبحث عن الشعبيّة فهذا أكثر من مجرّد تحدّ واستهتار بإرادة دافعي الضرائب.

على الأقلّ كان بإمكان الرجل أن يكون أكثر دبلوماسيّة، ولكن يبدو أنّه يحظى بدعم كلّي من رئيسه، حتّى يطمئن إلى بقائه في منصبه لهذا الحدّ. لا توجد حكومة على وجه الأرض تصدر مثل هذه التصريحات المستفزّة، وتستحقّ وصفها بالسلطة التنفيذيّة. الاستبداد هو أقلّ ما يمكن أن توصف به مثل هذه الحكومات المتجاوزة على إرادة مصدر السلطات.

إذا كانت لا تبحث عن الشعبيّة فمكانك ليس في الدوّار الرابع، هكذا هو الأمر بكلّ بساطة. وإذا كانت حكومة الملقي تعتقد أنّها عصيّة على الترحيل، فإن هذا هو ما يدعى بالنرجسيّة، التي ألقت بكلّ من أصيب بها في أتون التهلكة.
 
تابعو الأردن 24 على google news