لرغيف الخبز وجهان؛ أحدهما يراه الغني و الآخر يراه الفقير
النائب معتز أبو رمان
جو 24 :
لا شك أن الحكومة آلان في اللمسات الأخيرة لإصدار قرار وشيك برفع الدعم عن الخبز ، و تتبنى في قرارها إستراتيجية إيصال الدعم إلى مستحقيه فقط و حرمان شريحه أكبر لا تستحق الدعم بوجهة نظرها و التي تشمل العمالة الوافدة و الأجانب المقيمين في المملكة و اللاجئين و جميع الأسرالأردنية اللتي يزيد دخلها عن ١٠٠٠ دينار شهرياً.
لكن ماذا يعني رفع الدعم عن الخبز و ما هي الآثار المباشرة و غير المباشرة له ؟!
رفع الدعم يعني التخلي عن مساهمة حكومية بقيمة ١٤٠ مليون دينار في دعم سلعة الخبز لتثبيت سعره على حدود متدنيه و بالتالي تركه ليرتفع حسب محددات الإقتصاد الحر المتنافس ، أما الأثر المباشر لهذا الإجراء فهو إحداث وفر مالي للخزينة بقيمة ٨٠ مليون دينار في إطار ترشيد الإنفاق الجاري في موازنة متخمة بالالتزامات أصلاً ، و تستمر الحكومة بتوجيه دعم جزئي بقيمة ٦٠ مليون دينار تذهب مباشرة إلى الشريحة المستهدفة .
أما الأثر الغير مباشر فهو من شقين؛ الأول يتعلق برمزية الخبز كونه قوت الفقير و لم يسبق لحكومة أن تجرأت على الاقتراب منه و قد يجلب الرفع نتائج عكسية اجتماعياً حتى و لو تم تعويض الطبقة المتضررة بواقع ١٤ دينار للفرد سنوياً، أما الشق الآخر فهو مالي بامتياز حيث أن رفع الدعم سيؤدي بشكل فوري إلى إرتفاع سعر صنف الخبز المدعوم إلى ٣٦ قرش للكيلو على الأقل، بالإضافة إلى رفوعات متطرده في السلع التي ستتأثر به حتى و لو لم يدخل في مكوناتها بإعتبار أن الخبز سلعة معيارية و تأشيريه على التضخم بشكل عام ؛ فالعامل الوافد مثلا سيطالب برفع أجره و كذلك فإن الحد آلأدنى للأجور لا يعقل أن يستمر على ٢٢٠ دينار أي انه ٧ دنانير باليوم في حين أن الخبز الذي يعتبر وجبة العائلة الأساسية قد تضاعف سعره.
كما أن ذلك سيرفع من سقف المطالبات و نسبة عدم الرضا الشعبي في ظروف ضبابية يحومها سكون غامض لا نعلم إذا ماكان عن رضا او كان عن يأس ام عن غضب..
و يبقى السؤال الذي ستواجهه الحكومة قريباً ماذا بعد رفع الخبز ؟ ! و هل سيسدد الرفع عجز الموازنة ؟ ! ما هي الضمانات بأن الحكومة لن توقف الدعم مستقبلا كما حصل في البنزين؟
هل ستتمكن اللجنة المالية في مجلس النواب من التدقيق على آلية عمل اللجان الحكوميه في إيصال الدعم إلى جميع مستحقيه ؟
الحكومة بإعتقادي لن تقف عند الخبز فلو نظرنا إلى موازنة العام القادم سنجد أن هنالك 850 مليون دينار ينتظرها نفس المصير و منها 140 مليون دينار للخبز ( الاجراء الوشيك ) و135 مليون للكهرباء و240 مليون للمياه، و44 مليون للغاز المنزلي، و100 مليون دينار للمعونة الوطنية و72 مليون دينار للجامعات و126 مليون دينار على الاقل للمعالجات الطبية ..
نحن لا نختلف بأن هنالك تشوه حقيقي و هدر بألية الدعم الحالي الخبز ناتج عن تقصير الحكومات المتعاقبه في فرض نظام رقابي صحيح على مقدار إستهلاك المخابز من الطحين المدعوم و ان هنالك متنفذين أصحاب المصالح يحققون ارباح طائله على حساب أبناء الوطن، حتى أصبحت رخصة المخبز تباع بأكثر من مائة ألف دينار.
بالإضافة إلى وجود خلل في التسعير حيث أن المخابز كانت تقوم ببيع الخبز المدعوم ب ١٦ قرش الكبير في حين أنها كانت تقوم ببيع الخبز الصغير ب ٢٥ قرش للكيلو رغم أن كلاهما يستخدم نفس الطحين المدعوم فأين كانت رقابة الحكومة عن فرق ال ٩ قروش ؟!
بالمحصلة كان على الحكومة "أن تشخص الداء قبل طرح الدواء "
فهل درسنا الوفر المالي الذي يمكن تحقيقه بأسلوب رقابي و علمي و تدقيقي و إستقصائي على المخابز قبل الوصول مسبقاً إلى الإجابة بأن رفع الدعم هو الخيار الوحيد المتبقي أمامنا ؟
هل حاولنا طرح عطاءات لإستغلال الأراضي الفسيحة في زراعة القمح و الإنتاج الوطني الآمن و الاقل كلفة ؟!
هل تم التشاور مع مجلس النواب بإعتباره ممثل الشعب قبل أخذ قرار مصيري وهام ؟!
الحكومة ببساطه استسهلت الحل المالي المعتاد دوماً و هو جيب المواطن!