القدس المحتلة.. القضية الشخصية لترمب
رغم المعارضة الأميركية الداخلية لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة، الا أن ترمب ومندوبته في الأمم المتحدة نيكي هيلي مصران على معاندة الداخل الأميركي قبل المجتمع الدولي.
من ينظر الى حجم المعارضة الداخلية لقرار ترمب، يفترض ان رئيسا متوازنا بعض الشيء قد يعود عن قراره نظرا لان القرار ومن الواضح يشكل عائقا أمام مصالح الولايات المتحدة الأميركية مع أغلب دول العالم وبالتالي الإضرار بالشعب الأميركي، مقابل تحقيق مصالح اسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال بموجب قرارات المجتمع الدولي.
ومن مظاهر المعارضة الداخلية لترمب وقراراته ضد البشرية التي بدأت بحظر سفر بعض الجنسيات الى أميركا، ولن تنتهي بقرار القدس المحتلة، آخر استطلاع أجرته شبكة "سي ان ان” الاميركية التي "يعاديها” ترامب، وأظهر أن نصف المجتمع الاميركي يعارض قرار الرئيس بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، و49% منهم يعارضون نقل سفارة بلادهم الى القدس المحتلة.
خبراء أمنيون وسياسيون وعسكريون ومنهم شخصيات وازنة من أمثال جون برينن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الاميركي الذي اعتبر تهديدات ترمب لدول العالم التي لن تقف معه "شائنة وتنم عن شخصية نرجسية ومستبدة”، كما قال جون كيربي محلل الشؤون العسكرية بان "وضع القدس يجب ان لا يكون استباقيا وان يكون خاضعا لمفاوضات”، حتى ان نائب وزير الخارجية السابق نيكولاس بيرنز اعتبر ان قرار ترمب حول القدس "تسبب في عزل الولايات المتحدة”.
المفاجيء أن المجتمع اليهودي في أميركا منقسم أيضا حول القرار فمنهم فئة وهي ليبرالية تعتبره عائقا امام مصالح اليهود في العالم، على أن ترمب يقف على الجانب المتشدد من اليهودية الأميركية التي يمثلها صهره اليهودي الارثوذكسي جاريد كوشنر، ولا يستمع لصوت العقل حتى لو كان من الاميركيين او حتى اليهود، ويستمر في معاندة العالم.
واضح تماما أن ترمب ينفذ مشروعا شخصيا بعيدا عن حسبة مصالح الولايات المتحدة الاميركية، وهو مستعد لادخال بلاده في دوامة صراع يمكن ان تقود لنزاع مسلح في أي منطقة بالعالم، مقابل وقوفه غير المنطقي الى جانب اسرائيل في وجه العالم أجمع وتناسيه لبلاده وهمومها ومصالحها مع الدول، فان استمر بهذه السياسية لن يبقى لأميركا حلفاء وانما اتباع سيتخلون عنها مع أي تغير يلوح في موازين القوى عالميا.
مصالح اسرائيل، هي قضايا وبرنامج شخصي لترمب ومندوبته في الكرسي الأممي نيكي هيلي، بدأت بتهديد الدول وممارسة العربدة عليها، وامتدت الى التصعيد باسلوب ساذج بعيد كل البعد عن أعراف وتقاليد السياسة الأميركية المحكومة لمؤسسات وليس لافراد، فقد أمر بشراء مبنى في القدس المحتلة لتسريع نقل سفارة بلاده حتى يتم انشاء مبنى خاص بالسفارة وهناك مندوب خاص من قبله للاشراف على هذا الامر.
اعتقد ان الولايات المتحدة الاميركية تجاوزت على كثير من قرارات الأمم المتحدة ولها تاريخ حافل في عدم احترام الشرعية الدولية، لكنها لم تكن في يوم من الايام مرهونة الى هذا الحد لتحقيق مصالح اسرائيل على حساب مصالحها ومصالح شعبها، واهمال المعارضة الداخلية لسياسة الديكتاتور المنتخب.