استراتيجية إعلامية لاستعادة الثقة
تعلن الحكومة نيتها اعداد استراتيجية إعلامية جديدة، بعد انتهاء الاستراتيجية التي أعدت سابقا لكن للأسف لم تلتزم الحكومات المتعاقبة بتنفيذ أي بند مما ورد فيها، وبقيت حبرا على ورق، حيث لم يشهد الجسم الإعلامي والرسمي تحديدا أي تطور فيما يخص المحتوى ونوعية الخطاب منذ اعلان الاستراتيجية السابقة.
الاستراتيجية الإعلامية الحكومية 2011-2015، قامت على مبادئ ثلاثة لإيجاد إعلام أردني مستقل ومستنير، وهي بيئة تشريعية مواتية توازن بين الحرية والمسؤولية، مهنية عالية للإعلاميين تقوم على التدريب الموضوعي المستدام والتنظيم الذاتي للمهنة والالتزام بأخلاقياتها.
جميع هذه المبادئ لم يتم تحقيقها بعد مرور أكثر من 3 سنوات على انتهاء الاستراتيجية، بل على العكس فان المشاكل تعاظمت في نواحٍ إعلامية عديدة، لن يكون الحل فيها الانخراط في اعداد استراتيجية جديدة تستمر أشهرا أو سنوات، وتنتهي صلاحيتها بانتهاء عمر الحكومة الحالية، فلا حكومة تلتزم بما أقرته سابقتها.
مظاهر الأزمة الاعلامية واضحة جدا وما زالت مستمرة رغم وجود استراتيجيات، لعل على رأسها التخبط في المنظومة التشريعية للعمل الإعلامي الذي تتنازع قوانين عدة المسؤولية عليه، في الوقت الذي كان من المفترض توحيد هذه التشريعات في اطار قانوني واحد واضح ومحدد يوازن بين الحرية والمسؤولية ويضمن عدم تغول واحدة على الأخرى، وليس الاستمرار في اجتراح تشريعات جديدة تعمق حالة التخبط.
المظهر الأهم، أن الاعلام الرسمي وأجهزته بحاجة الى اعادة نظر في صياغة خطابه وأدواته، خاصة في ظل حالة عدم الثقة بين المواطنين والحكومات، بحيث تعمل هذه الوسائل على اعادة بناء الثقة وترميم ما تم فقدانه.
وفق استطلاعات الرأي لمراكز الدراسات وآخرها استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في حزيران الماضي، يظهر مدى ثقة المواطنين بوسائل الاعلام الرسمية وقد أتت في مراتب متأخرة، حتى أضحى المواطن للأسف يصدق كل ما يقال له عبر أي وسيلة إعلام أخرى أو أي صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يفسر تزايد حجم الشائعات أخيرا وعدم قدرة أجهزة الإعلام الرسمي على مواجهتها.
مظاهر الأزمة الإعلامية في الأردن كثيرة ولا مجال لتناولها في هذا المقام، لكن اذا كان هناك استراتيجية، واصرار على تضييع الجهد عبر استراتيجيات مكتوبة تصدر من كل جهة ومكان ولا يتم تنفيذها او التزام الحكومات المتعاقبة بها، فالأصل أن تبنى في أساسها على الخطوات المطلوبة ليستعيد الإعلام الرسمي وبالتالي الحكومة ثقة المواطن، بعدها يمكن حل أي معضلة يواجهها الاعلام أو حتى غيره من قطاعات الدولة الأخرى.