2024-11-20 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حتى لا نظلم الحملة الوطنية للتشغيل

موسى الصبيحي
جو 24 :

لفتت انتباهي بعض المقالات التي ظهرت في الصحافة المحلية مؤخراً، والتي قلّل فيها كاتبوها من أهمية الحملة الوطنية للتشغيل التي تقودها وزارة العمل بهمّة وحماس وثقة عالية، وتسعى من خلالها لتوفير (18) ألف فرصة عمل للأردنيين، ويرى هؤلاء الكتّاب أن الحملة لا توفر فرص عمل حقيقية، وأن دور الوزارة ليس ذا أهمية في هذا الجانب باعتبار أن القطاع الخاص الذي يحتاج إلى مهن وأعمال معينة يستطيع أن يعلن عن هذه الشواغر، ويأخذ ما يحتاجه.. هذا من جانب، ومن جانب آخر ينظر البعض إلى الحملة نظرة سوداوية واصفاً الفرص المعلن عنها في سياق الحملة، بأنها فرص 
وهمية، بحجة أن القطاع الخاص في حالة ركود، والركود لا يمكن أن يولّد فرص عمل، كما أن القطاع العام متخم ولا يحتاج إلى مزيد من الموارد البشرية ليرفع من حجم البطالة المقنعة لديه..!!

أنا لا أريد هنا أن أدافع عن وزارة العمل ودورها، فلديها جهاز إعلامي قادر على ذلك إن أراد، لكنني كمتابع ومهتم بقضايا التشغيل والقضايا العمالية بشكل عام، أرى أن الحجج التي يسوقها المقللون من أهمية حملة التشغيل ليست في مكانها، فأنْ تسعى وزارة العمل إلى بذل جهود حقيقية لمعالجة مشكلة البطالة بين الأردنيين هو سعي مقدّر، ويندرج ضمن مسؤوليات الوزارة الرئيسة، وهي تمارس أداءها لهذا الواجب من خلال شراكتها مع مؤسسات القطاع الخاص، وبقدر ما تتمكّن من تعميق حالة الشراكة والتشبيك مع هذا القطاع بقدر ما تستطيع أن تحقق نجاحات حقيقية على أرض
الواقع، ومن هذا المنطلق، يمكن القول بأن مبادرة الحملة الوطنية للتشغيل لا يمكن حصر دور الوزارة فيها، كما يقول البعض، على الإعلان عن فرص العمل المتوفرة، وأنها لا دور لها في توفير هذه الفرص، لأنها موجودة أصلاً في القطاع الخاص، وأن هذا القطاع يستطيع أن يعلن عما يتوفر لديه من شواغر دون حاجة إلى مساعدة من وزارة العمل.. فهذا التحليل ليس صحيحاً، وينطوي على فهم خاطيء، فنحن نعلم أن أكثر من ثلاثة أرباع فرص العمل التي يولّدها الاقتصاد الأردني سنوياً يتم خلقها في مؤسسات القطاع الخاص المختلفة، وليس مطلوباً من وزارة العمل أن توفّر فرص عمل في
القطاع العام بالمعنى الحرفي للكلمة، فهذه المهمة يقوم بها ديوان الخدمة المدنية ضمن الصلاحيات المنوطة به في التنسيق مع دوائر ومؤسسات الدولة المختلفة وضمن التشكيلات السنوية للوظائف العامة التي تحتاجها الجهات المختلفة، وهي محدودة للغاية وتكاد تقتصر على وزارتي التربية والصحة في الأعم الأغلب.. وبالتالي من الطبيعي جداً أن تُركّز وزارة العمل على التشبيك مع القطاع الخاص من أجل توفير فرص العمل للأردنيين الباحثين عن عمل في مؤسسات هذا القطاع، وهو دور أساسي ومهم للوزارة، وهذا ما فعلته ضمن مبادرتها الأخيرة بإطلاق الحملة الوطنية
للتشغيل التي اتخذت شعار (كلنا شركاء) في إشارة واضحة لدور القطاع الخاص في خلق وظائف وتشغيل الأردنيين، وهو ما يُترجم أيضاً البرنامج التنفيذي للتشغيل المنبثق عن الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تم الانتهاء من وضعها قبل عام تقريباً، ولم نسمع أن الوزارة إدّعت بأنها هي التي خلقت هذه الوظائف المعلنة عبر مبادرتها الوطنية، لا بل على العكس، فقد أعلنت عن أسماء مؤسسات القطاع الخاص التي شبّكت ونسّقت وأبرمت اتفاقيات معها لتوفير فرص عمل أمام الأردنيين.
وأرجو أن يراجع منتقدو المبادرة والمقلّلون من أهميتها مسؤوليات وزارة العمل المحددة في قانون العمل، والتي يأتي في طليعتها ليس فقط تنظيم سوق العمل على أهميته، وإنما أيضاً توفير فرص العمل وتشغيل الأردنيين داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى توفير فرص التدريب والتأهيل. وتقوم مؤسسة التدريب المهني، التي يرأس مجلس إدارتها وزير العمل، بدور كبير في مجال التدريب والتأهيل عبر توفير عشرات البرامج التدريبية في مجالات مهنية كثيرة، وقامت بتدريب ما يزيد على (300) ألف أردني وأردنية في حقول مهنية متعددة عبر أكثر من (40) مركزاً تدريبياً منتشرة في
أنحاء المملكة، إضافة إلى الدور الذي تقوم به الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب، وكليات المجتمع والمدارس المهنية التابعة لوزارة التربية والتعليم.
يجب أن لا نقلل أبداً من الدور الذي تلعبه وزارة العمل كميسّر (Facilitator) بهدف توفير فرص العمل للأردنيين، لا بل من المهم أن تكثّف أجهزة الوزارة من جهودها في هذا المجال، وأن تعمل ليس فقط كميسّر ووسيط بين الباحثين عن العمل ومؤسسات القطاع الخاص، وإنما أن توائم أيضاً بين الفرص والسوق من جهة وبين المؤهّلات الشخصية، وأن ترفع من دورها في التشبيك والشراكة مع القطاع الخاص بمؤسساته ونقاباته المختلفة، وأنا على علم بأن الوزارة أبرمت عشرات الاتفاقيات مع القطاع الخاص ومع نقابات أصحاب العمل من أجل توفير آلاف الوظائف للأردنيين الباحثين عن عمل،
وأعلم أيضاً من زملاء في الوزارة أن الكثير من مؤسسات القطاع الخاص تطلب من وزارة العمل تأمينها بعمال وموظفين ضمن مواصفات ومؤهلات معينة لملء شواغر متوفرة لديها.
أخيراً، لا بد أن نقرّ بأن وزارة العمل لا تخلق فرص عمل وليس مطلوباً منها خلق فرص عمل، وإنما التهيئة والتأهيل والتشبيك والتيسير لتوفير فرص العمل للأردنيين، وهو ما تسعى للقيام به ضمن جهودها الحثيثة، وتُشكر عليه، ويبقى مطلوباً أن تُضاعف الوزارة من جهودها في حماية الحقوق العمالية، فليس توفير فرص العمل هو المطلوب فقط، بل لا بد من ضمان بقاء الأردنيين في أعمالهم وتمكينهم من الاستمرار فيها، ولا يتأتى ذلك إلاّ عبر الحفاظ على حقوقهم العمالية كاملة التي كفلها لهم القانون وصونها من أي انتهاكات، لكننا نرى أن هنالك انتهاكات ربما تكون صارخة
أحياناً لهذه الحقوق وبعضهم ممن يعمل، مع بالغ الأسف، في مؤسسات رسمية وشبه رسمية، فتحفيز الأردنيين على العمل وتوفير الفرص المناسبة لهم في الاقتصاد الأردني شيء مهم جداً، لكن الأهم منه هو صون حقوقهم العمالية كاملة حتى لا نخسر أحداً منهم ونضمن بقاءهم فاعلين في السوق، وهذا هو التمكين الحقيقي للعامل وحمايته.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير