الأردن.. المشي على الجمر
تكاد تكون المرحلة الحالية من أصعب المراحل التي مرت على الاردن في ظل التخبط الذي يحدث في العالم حاليا، واعتقد ان ادارة الدفة السياسية خارجيا تحتاج الآن الى التفكير مليا قبل اتخاذ أي خطوة، على أن أي قرار يتخذ يجب ان يكون أساسه مصلحة الاردن .
ورغم صعوبة الظروف الدولية وادراك الاردن للعاصفة السياسية الهوجاء، الا انه لم يحد أو يتراجع عن مبادئه، فهو ما زال رأس الحربة في مناوئة قرار دونالد ترمب باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل، ومنافحا عن القدس المحتلة والمقدسات، وداعية السلام وحاضن اللاجئين والمقاوم للارهاب.
العالم لم يعد كما كان مع تسلم الرئيس الاميركي دونالد ترمب الرئاسة الاميركية قبل نحو عام، فهذا الرجل الغاضب من كل شيء ومن كل دول العالم الا اسرائيل، استطاع خلال عام من رئاسته خلط الاوراق في المنطقة بشكل غريب، ما دفع أغلب الدول العربية الى النأي بنفسها والبحث عن مصالحها الفردية على حساب زيادة حجم هوة الخلافات العربية تجاه كثير من قضايا المنطقة، علما أن الهوة عميقة بالاصل.
لسنا بمعرض تشخيص مواقف الدول العربية من أي قضية خلافية، بقدر ما نحن الان احوج الى البحث عن مصالحنا، مصالحنا فقط التي تعتبر مبادئنا جزءا رئيسا منها، فالانغلاق والتعنت والرفض لن يجلب الا الويلات،
أيعتقد الداعون لرفض استقبال نائب الرئيس الاميركي مايك بنس، بان الاردن لا يدرك مدى تشنج هذا الرجل ووقوفه الى جانب رئيس دولته مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، وان اميركا تدفع باتجاه تغيير حقيقي جذري في المنطقة، بلى فهو يدرك ذلك وأبعد، لكنه لا يستطيع ان يعزل نفسه دوليا ويغلق باب الحوار مع شرطي العالم في هذه المرحلة التي تعتبر -برأيي- عنوان القرن الواحد والعشرين.
الظرف دقيق حقيقة، ويحتاج الى توازن، ولغة العواطف لن تجدي معه نفعا، في عالم أضحى الأقرب اليك فيه يبحث عن مصلحته بالمقام الاول وغير عابئ بك، وبالتالي فان محاولة الخروج من التحديات السياسية في المنطقة والاقتصادية المحلية الماثلة أمامنا، هي بمثابة مشي على الجمر.
الأردن مضطر في النهاية الى فتح الحوار مع الجميع لتحقيق مصلحة الاردن العليا، والا ما هو البديل، فالبدائل والأدوات السياسية الأخرى غير الحوار، غير متاحة حاليا وهي تحتاج الى «وقفة عربية واحدة وموحدة»، وهي الأخرى غير متاحة الى أجل غير مسمى.