القدس عربية وستنتصر على افتراءات السفيه ترامب والوقح بينس
ما فتئ السفيه غير السويَ الرئيس دونالد ترامب والممتلئ كذبا وافتراء وعنصرية ونائبة المتصهين الوقح والجاهل في عراقة الشعوب وتاريخها، مايكل بينس، والكثير غيرهما من أنصار اليمين الأميركي يتبجحون بعبارة "أن الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي من شأنه التعجيل والمساهمة في اتجاه حل الدولتين"!! وأنها باتت خارج طاولة المفاوضات.
فهذه المقولات السيئة والممجوجة والغريبة والشاذة وغير القابلة للتسويق بل والمتعارضة مع أبسط الممارسات والتجارب والقواعد وأصول التفاوض والحلول السياسية وقبل هذا وذاك، تشكل تحديا لإرادة شعب فلسطين وحقوقه التاريخية والقانونية. فهي تماثل تماما بما اصدره العنصري الاخر بلفور قبل 100عام حين اعطى أرضا لا يملكها هو ولا دولته، لمن لا يستحقها بغرض إقامة وطن!! لليهود في فلسطين. وها هو التاريخ يعيد نفسه هذه المرة مع استبدال اسم مُصدر الوعد ومضمونه فحسب.
فالقرار الذي أصدره اليانكي القذر ترامب هو الوجه الأخر لوعد بلفور المشؤوم. فما تفوه به الرئيس ونائبه لا يكاد يصمد أو يثبت أمام الحقائق القانونية والتاريخية والدينية والوطنية. فهي ليست مجرد أُكذوبة فحسب بل وتزويرا فظا وتجاهلا لتاريخ وأس الصراع بين الصهيونية والشعب الفلسطيني صاحب وحارس هذا الأرض المقدسة وعاصمتها الأبدية القدس. فحضور المتصهين مايكل بينس إلى القدس باعتبارها عاصمة للاحتلال لن يغير من الأمر شيئا فهو كوعد بلفور سيئ الصيت والسمعة لن يغير من الحقائق التاريخية ولن يثبت حقوقا قانونية مكتسبة لليهود في فلسطين أو يستبدل قرارات الشرعية الدولية بقرارات أحادية الجانب. فالمقولة الكاذبة ومحاولة تزوير التاريخ ليس لها ظهيرا او سندا سوى منطق القوة الغاشمة والاحتلال العسكري الفاشي. فما أعلنه ترامب لا يستند إلى أي قرار دولي ولا يتفق مع حق الشعوب في تقرير المصير. ما تفوه به ترامب وجوقته العنصرية من ان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي قد باتت خارج طاولة التفاوض، ما هو سوى عملية ابتزاز رخيصة لاستباق إحدى اهم موضوعات الحل النهائي. فالعالم كله عدا الكيان الإسرائيلي والإدارة اليمينية الأميركية الموغلة في انحيازها للاحتلال للغاصب قد عارض بشدة قرار ترامب السيء.
فمنطق القوة الغاشمة لا يؤسس للعدالة ولا ينشئ حقوقا مهما طال الزمن، رغم أنه يكرس واقعا مزيفا بفعل القوة العسكرية فقط لكنه لا يصمد أمام المحاكم والقوانين الدولية، تماما كما هو حال الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي فوق التراب الوطني الفلسطيني. والمشكلة التي تواجه شعب فلسطين وحركته الوطنية حاليا ليس في الانحياز الأميركي المطلق للاحتلال فهذا قائم منذ عقود طويلة، استطاع نضال شعب فلسطين التعامل معه ومواجهته طيلة السبعين عاما الماضية تحديدا، لكن المشكلة العويصة التي شلت حركة النضال الوطني وأثرت عليه سلبيا، يمكن ارجاعها باختصار شديد إلى ثلاث مجموعات رئيسة هي: استمرار الانقسام السياسي والجغرافي والوطني وإيلاء المصالح والاعتبارات الدولية على المصالح والاعتبارات الوطنية الفلسطينية بما في ذلك إهدار المكتسبات التي حققها شعب فلسطين وفي مقدمتها إهمال وتجاهل قرار القاضي اليهودي جولد ستون بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية على القطاع والضفة وقرار محكمة العدل الدولية المتعلقة بالجدار العنصري من خلال عدم رفعهما لمجلس الأمن الدولي والتلكؤ غير المفهوم وغير المبرر وغير المقنع في رفع مواضيع الاستيطان الى المحاكم الدولية حتى تاريخه والإصرار على الاستمرار بالتنسيق الأمني مع قوات الاحتلال الذي بات مقدسا وغير قابل للاقتراب منه بما في ذلك إلغاءه رغم قرارات الشرعية الفلسطينية كالمجلس المركزي واللجنة التنفيذية. بالإضافة الى ذلك ضعف وهرم قيادة منظمة التحرير والأحزاب والجبهات والفصائل والحركات وتقاعسها وفشلها بوضع استراتيجية لمواجهة المحتل. وبدون الدخول في التفاصيل فقد تمكن شعب فلسطين خلال عقدين من الزمن إطلاق انتفاضتين كبيرتين والحقتهما بهبة القدس المجيدة التي استمرت 14 يوما رائعة في شهر تموز من العام الماضي حيث اجهضت رواية نتنياهو المزيفة والتي تدعي ان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي. لقد أجبرت الهبة المقدسية التموزية على تراجع الحكومة اليمينية الإسرائيلية عن الادعاء بان المسجد الأقصى هو جبل الهيكل وانه هو(نتنياهو) هو من يقرر مصيره. وهنا مرة أخرى تفشل قيادة منظمة التحرير من استثمار ما حققه المقدسيون في شوارع القدس وازقتها. اما المجموعة الثانية فهي تخص الوضع المنهار والمهترئ والضعيف السائد في كافة اقطار الوطن العربي دون استثناء، مما أثر بدوره على الروافع التي كان يستند اليها النضال الوطني الفلسطيني ويحتمي بها. فالدول العربية غارقة حتى الثمالة بأوضاعها الداخلية ولم تعد قادرة على حماية حدودها ووحدة أراضيها فباتت مرتعا للخصوم والاعداء والقوى الطامعة والمعارضات الهزيلة التي ارتمت بإرادتها في احضان القوى الاستعمارية الغربية والإقليمية. أما المجموعة الثالثة فهي التي تخص القوى الدولية والتي سنَت ووجددت انيابها مستفيدة من انهيار المنظومة العربية وفي مقدمة ذلك الولايات المتحدة الأميركية التي جندت كل المجموعات الإرهابية وحشدتها ومولتها باستخدام الارصدة العربية الضخمة التي في حوزتها.
فلم تعد تأبه بما يصدره أو يقرره الحكام العرب، فهم لم يعودوا معنيين بفلسطين والقدس وبالقضية الفلسطينية كلها. فمجمل العوامل سالفة الذكر ساهمت في اضعاف الموقف الفلسطيني وجعلته هامشيا وبدون جدوى. فما أعلنه ترامب العنصري حول القدس ومحاولات الضغط والابتزاز لن تنجح في كسر إرادة صمود شعب فلسطين. القدس كانت منذ الأزل عاصمة للوطن الفلسطيني وستبقى كذلك رغم انف ترامب وبينس ونتنياهو. شعب فلسطين اثبت دائما انه أهلا لتحمل المسؤولية ويمتلك الصبر والقدرة والشجاعة على المواجهة بكل المقاييس. الشعب الفلسطيني لن يخذل قوافل الشهداء الذين سقطوا على درب الحرية والتحرير والاستقلال. فمكان وعد ترامب مزبلة التاريخ. القدس، وأكد واثبت المقدسيون ذلك قبل شهور قليلة بأنهم سيفشلون وعد ترامب العنصري. نحن في القدس ثابتون ومنزرعون ومتجذرون كتجذر أشجار الزيتون. وستبقى القدس عاصمة أبدية لفلسطين رغم قرار ترامب ونائبة بينس والمغرور نتنياهو وتخاذل العديد من الحكام العرب.