jo24_banner
jo24_banner

الحكومة الأردنية،،، وصناعة التطرف

الدكتور محمد فخري صويلح
جو 24 :
إن المفهوم السياسي والدستوري للدولة ،،،، يحتوي بالإضافة للإقليم على النظام السياسي الحاكم والشعب ،،، وقد كانت الدول بشكل عام من خلال حكوماتها تلعب أحد دورين ،،، فإما أن تكون الدولة راعية ،،، تشتغل بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية والقضاء ،،، وتترك إدارة الشأن الداخلي التشغيلي للقطاع الخاص ،، ومنه ترك التعليم والصحة وتأمين أقوات الناس لهذا القطاع.

وإما أن تكون دولة متدخلة ،،، تتولى كل الشؤون وتقف عليها.

ولقد كانت الدولة الأردنية في بدايتها دولة متدخلة ،،، فكان البناء في تلك البدايات قوياً ،،، فاستقر الأمن ،،، وعرف الأردن بقوة نظامه التعليمي وجزالة مخرجاته ،، وتميز القطاع الطبي الأردني ،،، حتى أصبح الأردن محجاً لكل طالبي التعليم المميز ،،، والعلاج الآمن.

كما تميز القطاع الزراعي فيه ،، فكان عطاؤه يصل الكثيرين حولنا.

اليوم ،،، دولتنا لم تعد متدخلة ،،، بل ولا هي دولة راعية ،،، فتراجع التعليم ،،، وتراجع القطاع الصحي ،،،وتمت محاربة القطاع الزراعي ،،، ولم يعد لنا ما نفخر به إلا بعض إنجازات الماضي.

لا أقول أن ما يجري نتيجة تخبط في التنفيذ ،، ورداءة بقرار الإدارة ،،، بل لعلي أجاوز ذلك بالقول ،،، إن ما يجري هو سياسة ممنهجة ،،، للقضاء على وحدة الأردنيين ،،، وتفتيت أرضهم ،،، وتضييع دينهم وأخلاقهم وثقافتهم،،، وتركهم ضعافاً كالأيتام على مأدبة اللئام.

فالمديونية بازدياد ،،، والشعب يفقد كل يوم ثقته بحكومته ،،، والحكومة تستهلك من رصيد جلالة الملك لدى الشارع الأردني المكلوم.

البنية التشريعية لم تعد تصون القانون والحقوق ،، ولم تعد تحفظ حق المواطن وتؤمن رفعته وسموه ،،، بل أضحت التشريعات السياسية تفتك بالوطن والمواطن ،،، وأصبحت التشريعات الاقتصادية تركع المواطن المسكين ،، وتطرد المستثمر الحريص ،،، وتحفظ لطبقة معينة سيطرتها على مقدرات الوطن ،،، وتبني حالات احتكار ،،، وبالنهاية تحول الوطن إلى مزرعة ،،، وتحول أهل السياسة إلى حالة إدارة لا أخلاقية ولا وطنية تمس هيبة الوطن وكرامة المواطن.

والتشريعات العقابية لم تعد رادعة ،،، بل أصبحت مطمئنة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على نسيج الوطن الاجتماعي وعلى أمنه وأمانه ،،، أنه مصون من العقاب،،، إلا التشريعات العقابية المتعلقة بالحريات السياسية فما زالت على قسوتها بل تزداد.

اليوم ،،، جلالة الملك ،،، وهو يقدم لشعبه الأوراق النقاشية بما فيها من قيم ايجابية ،،، يقف حائراً أمام من يعوقون تطبيقها ،،، واليوم ،،، جلالة الملك وهو يقف أمام شعبه يسمعهم الكلام الجميل ،،، يقف مستهجناً وهو لا يرى كلامه الذي قال ،، في موضع التنفيذ.

وهذا ما يجعل المواطن البسيط ،،، أكثر حيرة ،،، وأكثر استهجاناً ،،، بل وأكثر ألماً ،،، فإذا كانت الحكومات هي اختيار جلالة الملك ،،، وهي الأمينة على تطبيق رؤى جلالته ،،، فلماذا لا تنفذ الرؤى الايجابية ،،، ولماذا تهدم جدار الوطن وتفكك نسيجه ،،، ولماذا هي في كل مرة تخذل جلالته ،،، ولماذا يكون جلالته في كل مرة أمام خيارات تخذله ،، ولا تلبي طموحه وطموح شعبه المكلوم.

وتستمر الأسئلة ،، فهذا الوطن أسئلته عميقة كثيرة ،،، بعمق وكثرة جراحه ،، وبعمق وكثرة التهديدات المصيرية التي تواجهه.
 
ولعل إجابات مؤلمة ،،، بل غير متوقعة قد يصل لها المواطن الأردني ،،، ويضطر أن يواجهها وهو بحالة إنكار لها ،،، ولكن هذه الإجابات في كل مرة تجبره أن ينظر لها كإجابة واحدة لكل الأسئلة التي تثار بوجه الوطن والمواطن ،،، إجابة تلخصها الحالة الوطنية ،،، أننا أمام حكومات تعمل بخطة منهجية على تفكيك كل عرى الوطن ،،، وعلى تركيع المواطن فيه ،،، حكومات ترفع المديونية ،، وتنشر ثقافة الفساد في الإدارة والأخلاق ،،، حكومات تهدم بنيان التعليم ،،، وتضعف حال الصحة ،،، وتحرق كل أرض قابلة للزراعة ،،، حكومات ترهن الوطن ومقدراته لمن كانوا وسيبقون خصومنا الأزليين ،،،، ذلك أننا لم ننتبه يوماً أن حكوماتنا في هذا البلد كانت دوماً بطواقم مستوردة بثقافتها عن وجع هذا الوطن ،،، وبخطط فاشلة ،،، وبنتائج واضحة ،،، كل هدفها أن لا يبقى في هذا الوطن مواطن ،،، ولا يبقى فيه وطن.

ولكن الوجع الأكبر ،،، أن طوائف المسحجين ،،، تستمر بالتصفيق ولا تنتبه أن المركب سيغرق بالجميع دون أن يتمكن من القفز منه إلا الذين كانت ولاءاتهم دوماً خارج هذه البقعة الطاهرة.

ثم بعد ذلك يسألونك ،،، لماذا يكون التطرف ،،، ولماذا يظهر الإرهاب،،، ويرتبكون عندما يطل التطرف برأسه ،، ويعضنا الإرهاب بأنيابه،،،، ويتناسون أنه صنيعتهم وغرس أيديهم.

حفظ الله الأردن وشعبه ،،، وقيض لقيادته البطانة الصالحة المخلصة والناصحة بالحق والخير والصلاح.
 
تابعو الأردن 24 على google news