صندوق النقد يعلن براءته؟!
النائب خلود الخطاطبة
جو 24 :
ردا على مقال كتبته تحت عنوان "لا تستمعوا الى سيرسولا" يدور حول ما يسمى برنامج "التصحيح الاقتصادي" للحكومة ومفاوضاتها مع مارتن سيرسولا رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى الاردن، تقول وفاء عمر مسؤول الشؤون الصحفية في الصندوق: "السيدة خلود، انا وفاء عمرو من صندوق النقد. اعتقد انه ليس من العدل وصف السيد سيرسولا بهذه الأوصاف غير الدقيقة. فهو على ادراك تام بأوضاع الشعب الأردني وبالصعوبات التي يمر بها الاردن. ربما اذا جلست معه وتحدثت اليه، سيتضح لك موقف الصندوق. مارتن دائما يجتمع مع ممثلي القطاع الخاص وأعضاء البرلمان والنساء والشباب واساتذة الجامعات والصحافة لتبادل الأراء ، وهذه سياسة الصندوق".
وأرفقت السيدة وفاء ردها برابط ( https://www.imf.org/ar/Countries/JOR/FAQ ) يتضمن إجابات للصندوق على أسئلة شائعة حول الأردن يؤكد من خلالها موقفه المعارض لرفع الحكومة الأردنية الدعم عن الخبز والدواء، وابداء حرص الصندوق على أن لا تؤثر أية إجراءات تتخذها الحكومة في مجال برنامج ما يسمى "التصحيح الاقتصادي" على الشرائح الفقيرة في المجتمع الأردني.
مقابل هذا الوضوح من صندوق النقد الدولي، نرى الحكومة الأردنية وفي جميع تصريحاتها تلقي باللوم في اجراءاتها الإقتصادية الصعبة على برنامج "التصحيح الاقتصادي" الذي تدعي أنه مفروض من الصندوق، على أن الصندوق يعلن براءته من هذه الاجراءات ويؤكد انها تعود للحكومة الأردنية ولا شأن للصندوق فيها.
الأُثار السلبية للاجراءات الاقتصادية الحكومية الأخيرة تفسر تنصل صندوق النقد الدولي منها، فقد أدت حتى الأن الى رفع أرقام التضخم الى مستويات قياسية، وتسببت في تراجع القدرة الشرائية للمواطن الاردني وضربت في صميم حياته المعيشية، الى جانب أثرها المباشر في إغلاق مصالح تجارية عاملة في مجال المواد الغذائية لم تقوى على الصمود، وركود في سوق بيع السيارات، حتى وصل الأمر الى تظلم نقابة أصحاب المخابز من تراجع شراء منتجاتها الى نسب تعدت 30%.
اذا استمرت هذه الاجراءات غير المدروسة وعلى الاخص المرتبطة برفع نسب ضريبة المبيعات وتعديل نسب ضريبة الدخل المتوقع، وفرض الضرائب على المحروقات، فان المكسب الوحيد منها هو انقاذ العجز في الموازنة فقط، مقابل التراجع في جميع القطاعات التجارية والصناعية، من خلال رفع التضخم الى أرقام غير مسبوقة وتحطيم القدرة الشرائية للمواطن وبالتالي عدم جدوى الاستثمار.
على الحكومة ان تعيد النظر في هذه الاجراءات، ليس لاثارها السلبية على المواطن، وانما بسبب ما ستعكسه على موارد الحكومة وموازناتها وعلى أرقام النمو خلال العامين المقبلين، اذا استمر حال السوق كما هو الأن، واذا استمرت نسب الاستثمار كما هي ايضا.
المواطن تعب ولا يملك قدرة شرائية، السوق راكد، الاستثمار متوقف، البطالة ترتفع، الفقر في تزايد، فعن أي "اصلاح" اقتصادي تتحدثون؟! هل هو إصلاح أرقام الموازنة لعام أو عامين فقط، وماذا بعد ذلك؟