مبالغات حكومية في أمن الاستثمار
النائب خلود الخطاطبة
جو 24 :
تبالغ الحكومة مؤخرا في مسألة حماية الاستثمار والمستثمرين بناء على ردود فعل غير منطقية بعد حصول عدد لا يذكر من الاعتداءات ارتكبها اشخاص بحق مستثمرين في الاردن، وتدخل تفاصيل هذه الاعتداءات في نطاق القضايا العادية المكررة كل يوم في الاردن واي بلد اجنبي أو عربي، سواء بالاعتداء الجسدي أو طلب أتاوة من مستثمر.
عقد مجلس الوزراء جلسة قبل أشهر تم خلالها ادانة حادثة اعتداء شخص على مستثمر، ومثل هذه الاعتداءات مرفوضة ويجب التعامل معها بكل قوة لحماية الاستثمار والمستثمرين، لكنها في الحقيقة لا تحتاج الى كل هذا الاستنفار الحكومي المفاجيء ، بحيث لا يكون اي انجاز جيد نقوم به في مجال الاستثمار مبني على ردود فعل، بل يجب ان يكون بمبادرة ذاتية ومؤسسية، حيث كان من الأفضل تخصيص مديرية لحماية الاستثمار في مديرية الامن العام قبل وقوع تلك الحوادث للحيلولة دون وقوعها.
اتصور بان المبالغة الحكومية واستنفارها في ملف توفير ظروف الحماية الأمنية للمستثمرين في الاردن، قد صنع مشكلة من لا شيء، حيث تم تصوير مسألة الاعتداء على المستثمرين واستثماراتهم في الاردن بانها ظاهرة تتسع ويجب تطويقها، وفي حقيقة الامر هي حوادث فردية تحصل هنا وهناك وهي طبيعية جدا، ولا تعجز السلطات الأمنية الأردنية على التعامل معها والقضاء عليها في وقت قصير، دون أن يكون هناك اي داع للتهويل الحكومي.
بصفتي جزء من الرأي العام، فان حكمي مبني على ما تعلنه الجهات الرسمية في مجال الاعتداءات على المستثمرين، وبالتالي فان ما تم الاعلان عنه من حوادث، بسيط جدا، ولا يحتاج الى كل هذه الجلبة، أما اذا كان الواقع غير ذلك والقضايا أكبر وأعمق فان الحكومة ملزمة باصدار تقرير سنوي أو فصلي يوضح قضايا المستثمرين التي تعاملت معها السلطات الأمنية وما هو حجمها حتى نستطيع في المقابل تفسير حجم التحرك الحكومي تجاهها.
حسن النوايا الحكومية في التعامل الأمني وحماية الاستثمار، لا يمكن أن يبرر سوء ادارة الأزمة اعلاميا اذا كان ما ينشر فقط هو الحجم الحقيقي للقضايا، خاصة في ظل السعي الحثيث حاليا لجلب الاستثمارات، فكيف يمكن بعد رسم هذه الصورة غير الحقيقة والسلبية عن "أمن الاستثمار" إقناع المستثمرين للقدوم الى الأردن، في حين أجزم ومن خلال إطلاعي على قضايا أمن المستثمرين في دول عربية كثيرة وأسيوية وأجنبية، بان الأردن الأعلى أمنا بين هذه الدول الجاذبة للاستثمار.
مثل هذه التحركات الحكومية غير المدروسة والمبنية على ردود فعل غير منطقية، يمكن أن تؤثر على أي إجراء لتشجيع الاستثمار في الاردن، خاصة وأن الاستثمار يبحث في الأساس عن ملاذ أمن لاقامته ونموه، لكن عندما يتم تضخيم مسألة الاعتداء على مستثمر او طلب اتاوة من مستثمر اخر، من خلال استنفار مجلس الوزراء، فان ذلك يبعث باشارة سلبية وليس العكس.
ومن نفس المنطلق، اتمنى ان لا يكون قرار الحكومة بمنح الجنسية والاقامة لمستثمرين بشروط، قد جاء استنادا الى ردود فعل غير محسوبة جراء الرضوخ للظروف الاقتصادية بالاردن، فالقرار في ظاهره جيد ويمكن ان يحقق نتائج جيدة اذا ما طبق جيدا وكان هدفه الاساس اقامة مشاريع لتشغيل الاردنيين وضخ اموال في السوق، اما اذا تحول الى تكنيز اموال في البنوك والسندات والعقارات فهو استثمار فاشل ولن يحقق شيئا للمواطن ولا للوطن.