2025-01-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

كتلٌ أمْ أحلاف ؟

د.محمد علي العكور
جو 24 :

يقول تعالى: تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون" صدق الله العظيم .

لطالما اشمأز التاريخ من تكولس المتنفعين  ليشكلوا جبهة مهترئة للتربص بالحقّ وأهله . وها هو يستوقفنا عند مسرحية تشكيل الأحلاف فيما يدعى مجلس النواب السابع عشر ليشمئز منها الواقع وتستمر رحلة " القرف التاريخي".

ولست هنا في معرض الإشارة إلى أن هذا المجلس ولد ميتا وتشكلت علقته من سفاح بين المال القذر والضمير التالف. وإنما هي التفاتة لما يجري من تكتلات توهم المواطن الشقي أن نوابا ينخرطون في قوى وأن ثمة تخطيطا جماعيا للانجاز.

وهنا يبرز سؤال مقهور، فلماذا تتشكل هذه الكتل؟ ولمصلحة من؟ وكيف يتم ذلك؟
ولا مندوحة هنا عن التسليم بأن السرطان الفاتك في السياسة الأردنية ما زال في أوج عطائه، وما زال يرسم لنا مظاهر الصحة الوطنية، وما زال الأفاكون يملأون الفضاء بالكذب المفضوح ، ليجمّلوا خبث المرض وسوءه في إعلام يستغفل العقول . والمستعرض لتاريخ العمل البرلماني يرى النشاط السياسي المخاتل الذي يتحرك فقط لانتخابات رئاسة المجلس. وبعد فوز الصيّاد تتحلل التجمعات والكتل لتذوب في مستنقع بكتيريا المنافع. ولعل السبب الرئيس في هذا العوج السياسي هو انعدام الرؤية لدى كثير من المتسللين إلى المجلس لواذا. فالرؤية السليمة تفرض منهجا قويما وعملا هادفا ذا خط واضح يسير في إطاره ، وفساد الرؤية أو انعدامها يجعل النائب مثل" الكنترول" الذي يسترضي السائقين هنا وهناك ليشحطوه في حافلاتهم.

ولو سألنا المتكتّلين عن الأساس الفكري والرؤيوي والمبادئ التي تنادوا إليها في كتلهم لوجدنا أن ثمة هدفا واحدا جمعهم هو أن يكون لهم صولة وجولة في المجلس وأن يشكّلوا أغلبية تحقق لهم – لا للشعب أبدا- مآربهم التي تحكم عملهم النيابي في ظل انبطاحٍ لأصنامٍ سياسية صدئةٍ عفّنت منها البلاد وأصابها العقم والبلاء ، وما زالت تتبادل المواقع وتُجدّد عابديها .أما كيف تتشكل هذه الكتل فإن الجواب عن ذلك بسؤال مفاده كيف احتل هؤلاء المجلس ، وما الطريقة التي تسللوا بها إليه؟ وذلك يُفضي إلى أن الطريقة التي جاءت بهم هي التي تـُشكّلهم كتلا، وتحكم حركتهم في المجلس.

وهذه الكتل الهلامية (..)، تريد كلّ منها نصابا في تشكيل الحكومة الجديدة، لا سيما أن الحكومة القادمة تسمى حكومة برلمانية، وهنا لا بدّ من وقفة .... فكيف يشارك النواب في الحكومة ويتركون العمل النيابي، ويَشغَر مكانُهم ، فهم وزراء ونواب في آن معاً، وهذا سيجعل من الحكومة والمجلس كوكتيلا نفعيا ذرائعيا، وسينخرم المجلس النيابي بفقده أعضاء منه ، وستكسب الحكومة شرعية دائمة ومُطلقة لأن المجلس النيابي شريك فيها.وستـُدفن الرقابة تحت قدم " المعالي".

لقد جرّبنا الكتل البرلمانية ، وما رأينا فيها غير محاصصة للبلد ليبطش صاحب الأغلبية النيابية بما يريد وبمن يريد،ولم نرَ يوما أن كتلة ما أطاحت بوزير أو بحكومة، ولم تكن سوى رافعة مستأجرة تتقاضى منافع مقابل الصمت والتسحيج بحماس، ولعل مسألة الراتب التقاعدي التي افتتح بها النواب مجلسهم صورة من صور هذه المنافع ، التي ستكون ثمنا لسحق ما تبقّى من كرامة الشعب الذي ما برح يراوح بين مصيبة وأخرى تنهال على رأسه.

سيجني النواب ثمار التوافق المشروط والتكتل المدفوع الثمن، وسنرى كيفية تشكيل المشهد وشخصياته، وكيفية تقاسم المناصب على أساس معوجّ بُنيَ في غرف سوداء واجتماعات ملبسة. وسنرى ما الذي سيجنيه الوطن وأهله من انجازات عظيمة على يد الكوكتيل الجديد ، والتي ستتجلى بزيادة أعداد الساخطين في الشوارع، واكتظاظ المصطفّين على القمامة ، والذي سيصوّره الإعلام على أنه حفل في عيد الشكر والتهليل .

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير