أرباح المحروقات
ندرك تماما بان الظروف المحيطة بالأردن حرجة جدا، وندرك تماما صعوبة الوضع الاقتصادي، لكنهما لا يبرران نهائيا القرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة، فكل ما يكتبه خبراء ومختصون وصحفيون وقادة رأي ومواطنون حول تسعيرة المحروقات الشهرية، ليس له أدنى قيمة عند الحكومة ولا تكلف نفسها حتى عناء الرد عليه، واذا كانت هناك ردود فهي مبهمة وغير واضحة ومرتبكة ارتباك الأداء الحكومي في الملف الاقتصادي.
الحكومة قررت بداية الشهر الحالي (نيسان) رفع أسعار المحروقات بمقدار قرشين لكل لتر بنزين اوكتان 90 أو 95 وقرشا واحدا لكل لتر ديزل، رغم أن متوسط أسعار برنت لشهر أذار بلغت 67.03 دولار/ برميل بزيادة بسيطة جدا عن الشهر الذي سبقه.
نقابة أصحاب المحروقات تقول أن هذا «غير مبرر خصوصا في ظل تخفيضها 5 فلسات فقط بتسعيرة شهر أذار رغم أن نسبة الانخفاض خلال شهر شباط كانت أكبر من نسبة الارتفاع في شهر أذار، أي انه اذا كان لا بد من رفع الأسعار فيجب ان لا تزيد قيمته عن 1.6 فلس للتر الواحد»، لكن الحكومة ترفع الأسعار كيفما تريد.
واذا ما سارت الأمور حسب ما تتوقع الحكومة، فإن عوائدها من رفع أسعار المحروقات لشهر نيسان الحالي، وفق تقديرات خبراء، تصل الى نحو مليونين و501 ألفا و833 دينارا، ارباحا اضافية صافية للخزينة، وبالتالي فان تسعيرة المحروقات الحكومية تستهدف رفع قيمة الربح شهريا، وليس الحفاظ على نفس القيمة من عوائدها الشهرية لهذه المادة.
أقول أن الخبراء على خطأ، كونهم يحسبون أرباح الحكومة من رفع أسعار المحروقات في حال استمرت كمية الاستهلاك كما هي متوقع، لكن في حقيقة الأمر لن يتم ذلك، فالأردني أصبح يقاطع كثيرا من السلع بشكل «اجباري» بعد رفع أسعارها الى مستويات غير طبيعية في السوق، كما نجح «أجباريا» بتخفيض استهلاكه من الخبز ما أدى الى تراجع مبيعات المخابز الى 40% اثر قرار رفع الدعم عن الخبز، وهذا سينسحب أيضا على البنزين الذي بدأ المواطن بتقنين استهلاكه منه.
الاعتراضات من داخل لجنة التسعيرة الحكومية على قرار الرفع الأخير للمشتقات النفطية، كما رشح عن مصادر داخل اللجنة لوسائل الاعلام، لم يثن الحكومة الاستمرار في سياسات الجباية، وحتى تظهر الحكومة مدى جديتها وحرصها على الموازنة العامة وليس المواطن، قررت أيضا رفع أسعار الكهرباء تحت بدعة «فروق أسعار المحروقات».
الحكومة ترى تماما مدى أثر قراراتها الاقتصادية وانعكاسها على أداء الموازنة العامة، وهي تدرك تماما بان حجم التضخم في السوق يحول دون تحقيق تقدم حقيقي في تحسين النشاط الاقتصادي، وما يحصل فقط هو التضييق على معيشة المواطن ورفع نسبة المديونية واستمرار العجز في الموازنة.