"التغيير" في قرار ديوان "التفسير"
النائب خلود الخطاطبة
جو 24 :
يعتقد مسؤولون أحيانا بان خروجهم الى الإعلام وتوضيح ما يدور حول أي شأن يتعلق بمؤسساتهم يمكن أن يبدد أي أشاعة أو سلبية، لكنهم في الحقيقة يكونون قد ساهموا بزيادة تضليل المواطن، وهو ما حصل مع سهير العلي رئيس صندوق استثمار الضمان عندما تحدثت للتلفزيون الاردني حول القرارين المتناقضين لديوان تفسير القوانين لتوضيح مدة استقلالية القرار الاستثماري في الصندوق عن مجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي التابع لها.
وتقول العلي نصا ان "قرار ديوان تفسير القوانين لا جديد فيه، وبدأ منذ عام 2015 حيث قام مجلس الادارة العامة للضمان الاجتماعي بطلب بيان رأي من ديوان التشريع والرأي حول صلاحيات كل مجلس من مجلسي الادارة والاستثمار، وجاء الرد بان القانون واضحا لا لبس فيه، حيث يتولى مجلس الادارة العامة اقرار السياسات، فيما يتولى مجلس الاستثمار اتخاذ القرارات ضمن السياسة".
أعتقد ان ما صرحت به العلي يصعب فهمه لسببان أولهما ان قرارات ديوان تفسير القوانين وبموجب الدستور الاردني وبعد نشرها في الجريدة الرسمية تعتبر قانونا نافذا، ولا ضرورة لاعادة الفتوى فيها مرة أخرى ما دام قد أفتاها الديوان في مرات سابقة.
أما السبب الثاني فيتناقض تماما مع تصريحات العلي، فاذا كان القانون واضحا وهناك استقلالية لمجلس الضمان في القرار الاستثماري بموجب فتوى سابقة قبل عام 2017، فلماذا تم سؤال الديوان مرة أخرى وصدر قرار مناقض تماما لما تقول في 31 /1/2018 بعدم جواز تفرد مجلس ادارة الصندوق بقراره الاستثماري وسجل فيه رئيس ديوان التشريع نوفان العجارمة مخالفة.
وأيضا صدر في 21/3/2018 بعد شهرين وعشرين يوما على القرار، عن ذات الديوان وعن نفس اللجنة فتوى أخرى، تعطي الحق وبموجب ذات (القانون) لمجلس ادارة صندوق استثمار أموال الشعب باتخاذ القرار الاستثماري مستقلا دون الحاجة للرجوع الى مجلس ادارة الضمان أو أي مرجعية أخرى.
تخبط ما بعده تخبط يظهر بشكل جلي وجود خلافات على السطح غير معروف اطرافها تحاول التفرد بقرار صندوق استثمار الضمان (محفظة الشعب) البالغة موجوداته حاليا 83253 مليون دينار، بعيدا عن المؤسسة الأم (الضمان الاجتماعي)، ناهيك عن تعمد الحكومة ممثلة بوزارة العمل الصمت تجاه قضية هامة مرتبطة بمستقبل الشريحة الأوسع من الشعب الأردني الذي لن يقبل العبث بما رصده لسني عجزه.
الأخطر من التفسيرين المتناقضين لديوان تفسير القوانين، هو المخاوف الشعبية التي ثارت مؤخرا بعد توصية للجنة المالية والاقتصادية في مجلس الاعيان باجراء مراجعة دقيقة لقانون الضمان الإجتماعي بهدف رفع سن التقاعد تدريجياً ليصل إلى 63 عاما، وما رافقها من أحاديث في وسائل الاعلام حول امكانية الغاء التقاعد المبكر الذي أبديت حياله رأيا موضوعيا سابقا اتراجع عنه الأن وسط سياسة التخبط التشريعي الدائرة حاليا.
ورغم النفي المتواصل للقائمين على مؤسسة الضمان الاجتماعي، الا أن هذا النفي ليس كافيا مع احترامي لشخوصهم، ذلك ان الضمان الاجتماعي صندوق "سيادي" ويحتاج تدخلا من أعلى هرم الجهاز الحكومي، بدلا من الاجتماعات الحكومية المتناثرة حول ما يسمى "التحفيز" الاقتصادي الذي لم نرى منه حتى الان سوى "تحفيز الأسعار".
"الحقائق" أو "الشائعات" - أصبحنا لا نفرق بينها وسط هذا التضليل الذي يمارسه مسؤولون حكوميون- تحدثت عن تغيير مدير عام الضمان السيدة ناديا الروابدة التي لا اعرفها شخصيا لكنني أرى بأنها بذلت جهودا لتطوير عمل المؤسسة وما زالت بعد قادرة على العطاء، كما تحدثت "الحقائق" أو "الشائعات" عن إمكانية تعيين مدير جديد لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي التي يرتبط مستقبلها بمستقبل أي مواطن اردني بشكل مباشر أو غير مباشر، وكل هذا يؤثر في ثقة المواطن بالمؤسسة ويجب أن يحسم حكوميا.
اعتقد ان قرار استثمار أموال مؤسسة الضمان الاجتماعي يحتاج أن يمر بأكثر من قناة للموافقة عليه وليس في ذلك أي مثلبة أو انتقاص من قيمة هيئة أو شخص، ذلك أن الضمان صندوق "سيادي" يحفظ أموال الشعب، فلماذا التفرد في ادارة اموال الشعب من جهة واحدة، في حين لن تنفع الرقابة اللاحقة لمجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي التي اجازتها الفتوى وستكون دون جدوى في حال لم يحقق اي قرار استثماري العائد المتوقع منه، وقد حصل ذلك أكثر مرة على مدى استثمار أموال الضمان.
قضية التفسيرين تحتاج الى توضيح حكومي ومناقشة تحت قبة البرلمان وداخل لجان مجلسي الأعيان والنواب، لان القضية ترتبط بمحفظة الشعب الأردني التي كان هناك في السابق محاولات للعبث فيها، وفق ما قال وزير العمل السابق أمجد المجالي.