حملة محمومة لتصيّد المخالفات.. جباية لا تنتهي
تامر خرمه- فيما يبدو فإن الغاية من فرض العقوبات على المخالفين للقوانين تحوّلت إلى وسيلة لجباية الأموال، وحلّ مشاكل الإنفاق عبر اللجوء إلى جيوب المواطنين، عوضاً عن كون العقوبة وسيلة للردع وفرض القانون.
هذا ما يتبادر إلى ذهن المراقب عندما يقف على مشاهد تصيّد المخالفات المروريّة، حيث تتوزّع الكمائن وكاميرات المراقبة في مختلف الأماكن المكشوفة والسريّة، فيما يعمل مدنيّون على قدم وساق، مقدّمين كلّ ما يمتلكونه من جهد للمساعدة في تصوير السيّارات وتحرير مخالفات السير، في سياق حملة محمومة لجمع أكبر قدر ممكن من المخالفات في مدّة زمنيّة محدّدة.
هذا ما تكشفه أيضاً قيمة المخالفات الغيابيّة التي يتفاجأ بها المواطنون عند محاولة ترخيص مركباتهم، حيث يكون الذهول هو سيّد الموقف أمام المبالغ المستعرة، التي يجد المواطن نفسه مضطراً لتحصيلها من أجل تسديد قيمة مخالفات تختال في تنوّعها وتراكم مستحقّاتها، إلاّ أن أكثر هذه المخالفات إلحاحاً في تكرارها بشكل غريب خلال إجراءات الترخيص، كانت مخالفة إلقاء النفايات من المركبة، ما يوحي بأنّ المواطنين لا عمل لهم طيلة ساعات الصباح والمساء سوى التجوّل بسيّاراتهم لإلقاء النفايات من أجل الفوز -ربّما- بمسابقة لتكديس المهملات !!
لا يكاد شارع يخلو من كاميرات خفيّة ورقباء سريّين لتصيّد كلّ من يمكن تحرير مخالفة بحقّه، في الوقت الذي وردت فيه أنباء تفيد بأن أي موظّف يشغل منصب أمين عمّان ينال شهريّاً ما مقداره ثلاثة آلاف دينار يتمّ اقتطاعها من مخالفات السير.
منطق الأمور يستوجب مخالفة كلّ من لا يلتزم بتطبيق القانون ويتجاوز السرعة المحدّدة، أو يستخدم الهاتف النقّال أثناء القيادة، أو يرفض وضع حزام الأمان، وذلك حفاظاً على حياته وسلامته، ولكن وجود حملة منظّمة، لا تدّخر أيّة وسيلة لحصد أكبر قدر من قيمة المخالفات، يثير العديد من علامات الاستفهام.
الدهشة التي ارتسمت على وجه معظم من مضى بإجراءات ترخيص مركبته، تعبّر عن حسرة المواطنين، الذين لا يجدون في جيوبهم الخاوية المزيد لتقديمه من أجل سداد العجز المالي لـ "الامانة" او "البلديّات"، فالمواطن لا يكاد يمتلك المقدرة على تسديد فواتير الماء والكهرباء والمحروقات، التي أوصلته إلى أعلى مراحل الإرهاق من تلبية مستحقات الجباية التي لا تنتهي.