من حابس وذوقان للرزاز والهميسات
د. مهند مبيضين
جو 24 :
لو أنّ حسني فريز وحكمت الساكت وسالم صقر المعاني وداواد المجالي وذوقان الهنداوي رحمهمم الله جميعا، يسمعون ما يجري اليوم في وزارة التربية لتمنوا الموت مبكراً، اليوم نريد للمعلمين مدونة سلوك ونزاهة في الوظيفة واخلاقيات مهنة، هذا أشبه بأيقاظ للفتنة ولعب بالجمر؟ واليوم نفطن لكي ندخلهم برامج تدريب لكي نعلمهم رسالة المعلم، واليوم نقول لهم: هناك بصمة وعليهم التقيد بها.
زمان كانت المدرسة وطن كامل يا سادة، والصف كتيبة والطلاب جنود والمعلم قائد، أما اليوم فالمعلم مشروع معركة يتنازعة رئيس ديوان خدمة مدنية يريد بطولة وقد طال بقائه في موقعة، ووزارة تبحث عن وجهه جديدة لكي ترسو سفينتها على ميناء البصمة كمدخل لتطويع المعلم في ظل واقع لا يبنئ بالخير في كل التعليم العام.
معركة المناهج حسمت واخرجت مديرية التـأليف من يد الوزارة التي دشنتها اكتاف الأردنيين من عرقهم، حين استادنوا للتعليم وبنوا مدارس الأبناء في القرى، هل يتذكر الهميسات والرزاز - ولا أشك بمعرفتهم- بأن القرى بنت مدارسها من تبرعات الأهالي قبيل ان تداهمنا مشاريع التطوير والتمويل الأجنبي، ومدونات السلوك.
الوزارة اليوم تريد القانون، وديوان الخدمة يريد تثبيت ايقاعه بعدما فرض هيمنته على كل المؤسسات واسقط كل الصلاحيات، وكأنه دولة، كيف لا ورئيسه المحترم من اعالي موظفي الفئات العليا بالدولة، فهو وزيرالوزراء لكن بلا لقب، ونقول مادام كفاءة ومحايد لا بأس وبوركت خطاه، لكن رئيس الديوان يجب أن
يكون مرجعا في عدالة التوظيف فقط . أما أن يحمل وزر فشل المسؤولين في إدارة منسوبيهم فهذا غير مقبول، فبعد التعيين الموظف عنده مؤسسته ومسؤوله، يعني لو احتج موظفو وزارة الصحة غدا هل يعقل أن نأتي بالهميسات لصبح طرف في الأزمة.؟ هذا غير معقول.
يريدون ان يتعلم المعلم الانضباط، وهل كان أحدا غيره يعلمنا ذلك؟ يريون له أن يبصم وهل في الوطن بصمة غير بصمة المعلم والجندي، هاتان هما بصمتا البناء والعلم والتضحية. ويريد النواب أن ينتصروا للوزير، ألم تكن نظرة المعلم زمان قبيل كليات التربية المتعبة والتطوير الفج والاجوف تكفي لكي "ينضب" أبناء القرية في بيوتهم؟ في حين أنهم اليوم فريسة الحشيش والجوكر في زمن التطوير، وكل يوم نقرأ عن مؤتمر للتطوير التربوي ؟ ألم يكن مرور الاستاذ في الحارة أو الشارع سببا لمنع تجوالنا، نعم كان خوف واحترام، قبل ان تمارس الدولة عنفها على المعلمين وتترك الفاسدين يعيثون خرابا وهروبا؟.
يعرف الدكتور عمر الرزاز بأن من تعلم في مدرسة والده الفكرية وفقه وقرأ كتابه معالم الحياة العربية الجديدة، بأن الحرية اصل في الاجتماع الإنساني لا يتنازع عليها احد، وان المعلم هو من يعلم القانون للناس والانضباط، وأن زمن والده كان زمن كبار ومعلمين يخرجون الطلاب للشارع كي ينددوا بالانتداب وبحلف بغداد وينتصروا للوطن.
مما يروى، أن الأستاذ حسن البرقاوي( وكان حسن معلما في مدرسة تجهيز الكرك عام 1925 ثم صار مفتشا عاما) زار المرحوم هزاع المجالي قبل أن يزور حابس باشا، فرفض هزاع أن يجلس خلف المكتب، واجلس الأستاذ البرقاوي مكانه على كرسي رئيس الوزراء، و هزاع اتصل مع حابس وأخبره بقدوم الأستاذ لزيارة حابس، فطلب حابس من حرس الباب الرئيسي تأخير الأستاذ حسن وعدم إدخاله مباشره، ليكتشف الأستاذ حسن أن التأخير بسبب ان حابس أراد وضع بساط احمر له، وأنه استدعى موسيقات الجيش لتعزف للأستاذ مثل الضيوف الرسميين المهمين، ذلك حابس القائد دون اوسمة غير الشرف والكبرياء والتواضع والجهاد في القدس، وذلك حسن البرقاوي المناضل العروبي والمعلم الكبير، آنذاك كان المعلم يربي والتربية تنجب قادة وطن.
أخيراً كلّ معلم بصمة في الوطن وكل بصمة جزء من لبنة لبناء محام او وزير او طبيب أو ضابط او قائد، فلا تتنكبوا لزمن كان جميلا بمعلمينا .
ترى لو أن حابس وذوقان رأييا مشهد الحوار في مجلس النواب، او كانا يمثلا الحكومة، هل يجرؤ معلم على أن برفع المكتة أو رجل الطربيزة او يصرخ بالقاعة،،،، كان يمكن ذلك، لكن ليس بحضرة حابس أو ذوقان او حكمت الساكت او اسحق الفرحان...!
ربما لو كانت المسألة مجرد بصمىة وقيل للمعلمين إن الوطن يحتاج منكم ان تعلموا الناس الالتزام بالوقت وقيمة العمل، لقام كل معلم بالمطالبة بها، أنا وكثيرين لسنا ضدها، لكننا ضد تشويه المعلمين او ادخال البلد بمعارك نحن في غنى عنها. قبل البصمة فليوفروا مقاعد مريحة للطلاب، وصبورة قابلة للكتابة في قرية رحمة أو البربيطة او خشاع القن وبيئة صفية جيدة او حامات قابلة لانصاف البشر في باير والجفر.
خلاصة القول:
اجلبوا الكردي ثم طالبوا المعلمين بالامتثال للقانون؟