«النهج» بـ «النهج»!!!
نطالب الدولة والحكومة بتغيير في «النهج» ونحن لا زلنا على «النهج» ونرفض أي تغيير في أنفسنا، وليس أدل على ذلك من القوائم المتلاحقة للوزراء المتوقعين في حكومة الدكتور عمر الرزاز التي لم تنقطع طوال العطلة الأسبوعية.
طبعا هذه القوائم تصاغ وفق أهواء وأمزجة وتنشر بحثا عن المشاهدات وتكون المعلومات فيها غير صحيحة وهدفها الترويج والتذكير، لكنها ليست هي موضوعنا بحد ذاته، وإنما موضوعنا هو طريقة التفكير المستخدمة في صياغتها رغم اختلاف الأسماء، فجميع تلك القوائم قد راعت التمثيل المناطقي وأحيانا «بتوازن قل نظيره، ولم تضاهيه حكومات شكلت وركبت على أساس مناطقي في السنوات الغابرة».
اذن نحتج على «نهج» تشكيل الحكومات ونطالب بتغييره، لكننا ما زلنا في داخلنا متمسكين بهذا النهج ونرفض أن يغادرنا، فلو أراد الرزاز مثلا أن يثور على هذا النهج، فإن أول أعدائه من يتمترسون خلف هذا التفكير من الشعب ومن بينهم شخصيات سياسية وازنة أفشلت حكومات في السابق وأجبرتها على اعادة تشكيل الحكومة بناء على محاصصة مناطقية «عادلة».
حتى نكون منصفين مع أنفسنا يجب أن نكون أكثر عقلانية، فاذا أردنا التغيير فيجب أن نتغير نحن، فما نريده من الرزاز حكومة جميع أفرادها ممن يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة، كما يشهد له الشعب بذلك، وهؤلاء الأفراد موجودون في كل محافظة ومنطقة وعشيرة وعائلة في الأردن، فقد مللنا التعصب لوزير قريب لنا لم يفعل لنا شيئا ولم يقدم منجزا للوطن.
فور اعلان التشكيلة الحكومية يبدأ الدعم الحذر وحسن النوايا الذي أبداه الشعب الأردني تجاه الرئيس المكلف عمر الرزاز، بالتراجع قليلا، تحت وقع استنكار واحتجاج مناطق على عدم تمثيلها في الوزارة، ثم تبدأ الصالونات السياسية وأصحابها بشن حرب على من لم يراع مطالبهم ورغباتهم عند التشكيل، وهذا الأمر ليس سهلا لمن خبره من رؤساء الوزراء.
نريد أن نغير نهجنا نحن الشعب حتى نتمكن من اعادة صياغة الحكومات مستقبلا وفق نهجنا لا نهجهم، فنحن نريد أحزابا سياسية فاعلة لذلك فلنعظم دور الأحزاب رغم ضعفها على الساحة السياسية، ونريد قانون انتخاب يراعي التمثيل الحزبي والكتلوي ويبتعد عن الفردية، نريد حكومات تشكل بموجب الأغلبية البرلمانية، نريد دورا للشباب في هذه الحكومات، ويجب أن نرفض أي شيء لا يصب في تحقيق «نهجنا»، وأن لا نشجع عليه.
لكن اذا اراد الرئيس المكلف عمر الرزاز ان يقنعنا بسعيه الحقيقي لتغيير «النهج» في كل شيء وأن نبادله التغيير بالتغيير، فليبدأه من تشكيل الحكومة التي لن يحتمل الشعب فيها أي وزير تأزيم أو أي وزير فاسد، أو أسماء كثيرة وردت في القوائم الدوارة على منصات السوشيال ميديا. فقصتنا ليس بشكل الوزارة وإنما بأناس يعملون لتوفير قوت الشعب.