البيان الوزاري لحكومة الرزاز
ما قامت به حكومة الدكتور عمر الرزاز بعد أيام على تشكيلها، يدخل في باب إبداء «حسن النوايا» من قناة تصويب أخطاء حكومة الدكتور هاني الملقي المقالة وقراراتها، أو بعض منها، مع بعض الاولويات التي تمخضت عن تجربته في وزارة التربية والتعليم بعزمه اقرار نظام للمدارس الخاصة، لكننا بالضرورة لم نرَ أو نسمع حتى الآن ببرنامج الحكومة لمعالجة الملف الاقتصادي الأصعب والأهم في هذه الأزمة الخانقة.
عودتنا الحكومات السابقة على اننا كمواطنين وجمهور وحتى قادة رأي لسنا معنيين بالاطلاع على تفاصيل برامجها الاقتصادية، فما يعنينا فقط هو ما نلمسه من أثر لبرامجها الاقتصادية التي انعكست وبالا على الأوضاع المعيشية للمواطنين، حتى استمرأت الناس ولم تفكر بأن صفيحة البنزين عندما يصل سعرها الى 25 دولارا، فهي مؤشر فشل على ما تدعيه من سياسات.
الحكومة ولدت حديثا ولا أحد يطلب منها فوق طاقتها، ولن نقول لها بان المواطنين يمهلوك شهرا لإخراجنا من أزمتنا الاقتصادية، لكن الجمهور بحاجة الى معرفة التفاصيل الدقيقة لبرنامج الحكومة الاقتصادي، وأقصد التفاصيل بمعناها الحقيقي، ولعل البيان الوزاري لحكومة الرزاز الذي ستتقدم للثقة من مجلس النواب على أساسه بعد نحو اسبوعين، هو المساحة الحقيقة لعرض برنامجها الاقتصادي الذي سيمكن الشعب من الحكم على مسيرة الحكومة خلال الأشهر المقبلة.
وهناك تفاصيل يجب أن يتضمنها البيان الوزاري، مع الإشارة الى أن بعضها مكانه الطبيعي هو خطاب الموازنة، لكن لضرورة حكومة الدكتور عمر الرزاز «أحكام»، ومن هذه التفاصيل:
المساعدات التي تلقاها الأردن في مجال ملف اللاجئين وقيمتها منذ بدء ملف اللجوء، من حيث القيمة وأوجه انفاقها والمتوقع وصوله منها، مقابل توضيح قيمة الالتزامات الاردنية المالية تجاه ملف اللاجئين، وقيمة المبالغ التي يدفها الأردن من موازنته للتعامل مع هذه الملف الذي تسبب برفع مديونية الأردن أربعة أضعاف خلال 7 سنوات. «البقية ص20»
قيمة المساعدات الخليجية الأخيرة وأوجه انفاقها، والمساعدات المتوقع الحصول عليها العام الحالي وقيمتها، وأثرها على الموازنة والوضع الاقتصادي الأردني بشكل عام.
خطوات الحكومة المقبلة في مجال مكافحة الفساد بشكل أكثر جدية مما عبر عنه الرزاز في مؤتمره الصحفي الأخير، بحيث تكون كفيلة بمحاسبة كل من يتطاول على المال العام من جهة، ومن جهة أخرى تغلق ملفات كثيرة ما زالت الناس تلوكها، والحكومات تقول عنها بأنها «شبهات دون دلائل».
توضيح آلية تسعير المشتقات النفطية، وقيمة الضرائب التي تتقاضها الحكومة على كل لتر من تلك المشتقات، وتفسير قيمة الرفع الأخيرة لشهر حزيران التي تسببت باحتجاجات الشارع، وما مدى دقتها، حتى تكون الناس أكثر تفهما لأي اجراء حكومي في هذا المجال مستقبلا، لكن استمرار الحالة بهذه الشكل يبقي حالة عدم الثقة قائمة.
خطوات الحكومة لتوفير فرص العمل للشباب وما ستؤمنه الحكومة من مخصصات لإقامة مشاريع صغيرة، وخطتها لفتح أسواق عمل للشباب في الخارج، الى جانب اعلان برنامجها للحد من الفقر عبر برامج قائمة على التشغيل وليس الاعانات، فتوسيع شرائح المستفيدين من صندوق المعونة الوطنية، كما فعلت الحكومة المقالة، هو دليل على فشل سياساتها الاقتصادية بل إنه دليل على أنها السبب في إفقارهم.
تفاصيل المراجعة الضريبية التي ستقوم بها الحكومة، وعلى الأخص لضريبة المبيعات التي وصلت الى حدود لا تطاق وتسببت بتشوهات ضريبية، وكانت السبب الرئيس في الرفض المطلق للتعديلات على قانون ضريبة الدخل، فلا يعقل ان يدفع المواطن الأردني في ظل هذا الوضع الاقتصادي، ضرائب على ما يأكل أو يلبس أو يسكن بشكل يومي.
الاعلان عن ملامح التعديل المرتقب على قانون التقاعد المدني، وما يتعلق منه بالرواتب التقاعدية للوزراء، وعن مخرجات لجنة دراسة نظام الخدمة المدنية الجديد، مع ضرورة «قوننة» آلية علاج مرضى السرطان وفق أنظمة أو تعليمات وعدم ترجمتها بقرارات تكون عرضة للتغيير في أي حكومة لاحقة.
قد تفهم الحكومة وقادة الرأي في المجتمع أي تقدم يمكن أن تحققه الحكومة خلال قادم الأيام على أرقام الموازنة، لكن هذا لا يتفهمه الشعب، فالشعب بحاجة الى برنامج اقتصادي يضمن خطوات جادة يلمس أثرها كل بيت أردني وتكفل تحسين مستواه المعيشي، والا فإن اي اصلاحات «رقمية» لا تعني شيئا.