الزعبي يا رزاز !
صالح عبدالكريم عربيات
جو 24 :
في بعض الأحيان تكون فرحتك بولادة مقال جميل وهادف أكثر من فرحة أمرأة بولادة توأم ، وحتى تختار موضوع المقال لابد أن تكون مطلع على كل ما يدور ومتابع حتى لأخبار الجيران .
وحتى تجد الفكرة ، لابد وأن تعلن حظر التجول في المنزل وتحتاط على رزمة شباشب أذا ماصدر صوت من هنا أو هناك ، ومن ثم تشرب 7 كاسات قهوة مع ثلاثة برقان شاي أضافة الى الميرمية واليانسون أذا كان الموضوع بمغص ، وأن كان الكاتب مدخنا فان كمية الدخان المنبعثة من شباك غرفته تشبه كمية الدخان المنبعثة من مطاعم الشوي ، وفي بعض الأحيان حين تصبح في منتصف المقال ولم يبق الكثير من الوقت لتسليمه لرئاسة التحرير قد تحتاج أسرتك الى بندورة او كيس ملح لتكملة الطبخة ، ومن باب المسؤولية الوطنية تتغدى سردين بمقابل أن تكمل مقالك !
كل ذلك قد يهون ، ولكن الكارثة الحقيقة حين تذهب لشراء حاجيات المنزل ويتعرف عليك صاحب المحل ويقول لك أهلا أستاذ ، فتشعر بالحرج وأذا ما باعك الجرجير بسعر أعلى من سعر الكيوي فأنك لا تستطيع أن تفتح فمك بكلمة واحدة خصوصا أذا قال لك : أنت أنسان مبدع !
ما يحطم نفسية الكاتب عادة هو حين يكتب عن أهم القضايا الوطنية الحساسة ليشارك في تحريك الرأي العام ، و عندما يذهب الى بيت عزاء لا أحد يناقشه بما كتب بل على العكس يطلب منه أحد الأصدقاء او الأقرباء أن يكتب عن فيضان المنهل في حارتهم منذ أسبوع ، وأحدهم لم يعزمني على عرس أبنه لأنني لم ألبي له طلب سابق بأن أكتب عدم توفر السماق في أسواق المؤسسة ، وكلما تولى أحدهم منصب رئيس قسم طلب أن أكتب عنه مقالا وكيف سيساهم في جعل الأردن تسبق اليابان في الحداثة والتطوير وان لم تفعل لا يرد السلام !
حاولت في أحدى المرات أن أغيب متعمدا عن كتابة مقالي حتى أكتشف مدى حب القراء لي ، صراحة بعد أسبوعين أتصل أحدهم معي لا ليسألني عن سبب الغياب ، بل ليسأل أذا بعرف مواسرجي شاطر ؟!
تذكرت بعض تلك التفاصيل وأنا أستذكر غياب الزميل والصديق العزيز احمد حسن الزعبي الى الان ، فربما أرتاحت معدة أحمد لبعض الوقت من القهوة ، ولكن هل أرتاحت ضمائرنا بغيابه وهو من كان ضمير وطن ؟ وربما لا أحد يستغل أحمد الان حين يشتري بطيخة لأسرته، ولكن الا يعيبنا جميعا عدم اٍستغلال تلك الثروة الأدبية في مواصلة دفاعها عن الوطن والمواطن ، ولا أدري فربما نفسية الزميل قد تكون أفضل منا جميعا فعلى الأقل قد لا يطلب منه أحد أن يكتب عن أنتشار القارص في حارتهم ، ولكن الم يكن أبن سهل حوران حين سأل عابث عن الوطن ؟ فكانت حروفه رصاصات أجابتهم عن المستقبل وأستذكرت ألأبطال ونعت بأنبل الكلمات مواكب الشهداء .
ربما أتصل أحدهم مع سيد الكلمة الحرة خلال الفترة السابقة ليسأله فقط عن ميكانيكي شاطر ؟! ولكن أليس الواجب الوطني يحتم علينا جميعا أن نسأل عمن سطروا كلماتهم على نبض قلوبهم الصادقة لا على مقاييس المكاسب والمناصب ، الم يتحرك الوجدان الوطني بعد ليكرم من كانت كلماتهم تحرس الوطن كما تحرس بنادق الجنود الحدود ، ألا يعتبر غياب من كتبوا للوطن والأم بدم الشرايين لا بحبر الأقلام ذنبا وطنيا ؟
دولة الرئيس أن كنت تفكر بأسترداد مقدرات الوطن ، فلا تنسى احمد حسن الزعبي .