مطيع ..
صالح عبدالكريم عربيات
جو 24 :
وأخيرا الجويدة بتنده لمطيع من خلف الطرقات وخلف الشبابيك.. وهذا الرجل لم يعمل كل تلك السنوات وهرب كل تلك المصانع بنسج علاقات مع مأمور مقسم او رئيس قسم في دائرة، بل بكل تأكيد أغرق السوق بالدخان بناء على علاقات مع من تزهو بهم المناصب!
أذا لم يكن الخارجون بالعفو مساوين لمن سيدخلون السجن بسبب مطيع، فلا أعتقد ان هناك أي فائدة مرجوة من القاء القبض عليه وستصبح قيمة الرجل الجرمية مثل الذي سطا على خم زغاليل.. فالرجل أما سيقول: علي وعلى أعدائي.. وسيذكر بالتحقيقات كل من ساعد وقبض وغرش وبالتالي سيكون سببا في أكبر عملية تطهير للادارة الاردنية من هؤلاء الفاسدين، أو أن (يغرش) عنهم خوفا من نفوذهم وانه لن يستفيد شيئا من جرجرتهم الى المحاكم وبالتالي سيظهر لدينا في المستقبل الف مطيع!
كم تمنيت في قضية مثل مطيع ان تسمح القوانين بان نقدم له عروضا مغرية… مثلا أفصح عن اسم وزير متورط واحصل على سنة خصم من المحكومية.. إفضح امناء عامين متورطين واحصل على خصم ستة أشهر من المحكومية.. شرشح مدراء عامين قبضوا منك وأحصل على جناح خاص في الجويدة.
كلي خوف ان تكون نتيجة التحقيقات أن المصانع دخلت بالتعاون مع سائق حاوية، وان يكون الدخان وّزع كل تلك السنوات بالتعاون مع أصحاب البسطات، وأن من أبلغ مطيع بالهرب قبل ساعات من إصدار قرار بمنع السفر هي أم جمال جارتهم لأنها شاهدت طائرة في فنجان قهوة خالة مطيع، وبالتالي براءة الجميع من دخان مطيع ستكون مثل براءة الذئب من دم يوسف!
القاء القبض على مطيع لن يسدد المديونية، ولن يخفض العجز، ولن يساهم في زيادة ايرادات الحكومة، ولن تتأثر من القاء القبض عليه حتى أسعار الكوسا والملفوف ولكن، سيعاد بكل تأكيد جزء من الثقة بدولة القانون ووعود المسؤولين، ومثلما كان (مطيع) معيارا لهم طوال الاشهر الماضية وكلما تحدثت الحكومة عن إنجاز تم انكاره بحجة أن الحكومة لو فيها خير لأعادت مطيع.
اليوم عاد مطيع والخطورة ان نعتبر القاء القبض عليه هو انتهاء حقبة الفساد في الاردن وان يتم الاكتفاء به، وبالتالي التراخي في ملفات فساد عديدة قد تعتبر أخطر من ملف مطيع.
قصة مطيع بدأت منذ لحظة القاء القبض عليه، وسيتابع الشعب الأردني مجريات التحقيق بكل شغف، وسينتظرون ما ستسفر عنه التحقيقات.
نعم فهناك أسماء طالما أستفزت الشعب الاردني بتصرفاتها الصبيانية، وهناك أسماء طالما تلاعبت بمشاعر الاردنيين ومستقبلهم، وهناك أسماء طالما كان حديثها في كل لقاء او مناسبة عن النزاهة والشفافية، ونحن نريد أن نعرف أن هؤلاء صادقون.. وليس لهم علاقة مع مطيع أو غيره من الفاسدين.
لا نقول أن كل من عرف مطيع هو شريك ومتورط، بل نحن نريد أن يتم إزالة لبس أو غموض عن أي علاقة لمطيع بأي أحد، وكلنا أمل من الاخ مطيع أن يصنع لنا معروفا لن ننساه له، وان يبين طبيعة علاقته معهم.
القاء القبض على مطيع سلاح ذو حدين، فإما يؤسس لمرحلة جديدة من المحاسبة الحقيقية واستعادة ثقة الناس بجدية الحكومة بمكافحة الفساد، وإما أن يشكل انتكاسة اخرى اذا بدأت القصة وانتهت فقط بمطيع!