معضلة التوزير في مسألة التشكيل
الكلام الرسمي السائد هو ان تكليف الدكتور عبد الله النسور بتشكيل حكومة جديدة جاء نتيجة المشاورات التي اجراها رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة مع الكتل النيابية ، بمعنى آخر الاختيار تم بناء على رغبة الأكثرية في مجلس النواب وبالتالي يمكن وصف حكومة النسور بانها ( نيابية ) حتى لو لم يدخلها اي نائب كوزير .
منذ اعلان اسم الرئيس المكلف مساء السبت يتم تداول الأسئلة التالية في الأوساط السياسية والشعبية وهي : هل سيشارك النواب في حكومة النسور واذا شاركوا هل ستقتصر المشاركة على اختيار وزراء من الكتل التي سمته رئيساً عند رئيس الديوان ام ان المشاركة ستشمل الكتل جميعا ؟ وما هو مستقبل الثقة بالحكومة الجديدة اذا شارك فيها النواب او اذا لم يشاركوا ؟ وأخيرا ما هو مستقبل الكتل النيابية في حالة عدم الاتفاق داخلها على من يكون وزيرا في حالة المشاركة ؟
لقد شهد الراي العام حالة من الاصطفاف والغليان داخل مجلس النواب حول العلاقة مع حكومة النسور السابقة حتى ان احد المواطنين تساءل مستغربا : الشارع هادئ بينما المجلس مولع ! . وقد يقول قائل ان هذا الاصطفاف منطقي في ظل الضغوط المعنوية التي يتعرض لها من الراي العام من اجل ان يكون مختلفا ومغايرا عن المجالس السابقة , واعتقد انه سيتعرض لمزيد من هذه الضغوط في الايام المقبلة عندما تعلن هوية الحكومة الجديدة وبعد ان يخرج الدخان الابيض للمشاورات لنعرف ان كانت حكومة نيابية ام خالية من النواب .
اعتقد ان المعضلة التي تواجه النسور في التشكيل هي كيفية التعامل مع مسألة التوزير إيجابا وسلبا وهي معضلة لها وجه آخر و هو كيف ستكون عليه الاوضاع في المجلس او موقف الاغلبية فيه من الحكومة الجديدة في الحالتين ، حالة التوزير او عدمه ، خاصة عند التصويت على الثقة .
بالطبع القرار في النهاية هو للرئيس المكلف في حل هذه المعضلة من جانبيها ، الحكومي والنيابي , لكن من المنطقي ان يدخل النواب هذه الحكومة ولو بعدد محدود ما دام النواب اوغالبيتهم هو من رجح اسم النسور في عملية التكليف عند الملك , خاصة وانها ستحسب على المجلس الحالي سواء توزر النواب ام لا لأن اختيار النسور كان استجابة للأغلبية النيابية .
بالفعل البلد امام مرحلة سياسية جديدة في العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب والمهمة مزدوجة امام السلطتين ، انها مهمة الحفاظ على استقلال كل سلطة ( التشريعية والنيابية ) في الوقت الذي يجب فيه تجنب تغول سلطة على اخرى او ان تؤثر المشاركة النيابية على مهة المجلس الاساسية في مراقبة الحكومة ومحاسبتها . انها مرحلة جديدة لن يستطيع احد الحكم عليها قبل ان تدخل مرحلة الممارسة والأداء العملي في العلاقة بين السلطتين .