jo24_banner
jo24_banner

لماذا يتنمّر أنصار الرزاز على مجلس النواب؟

د. حسن البراري
جو 24 :
يكاد جزء من أنصار الرزاز أن يتحول إلى مليشيا تمارس شتى أنواع الهجوم والتجريح والتشكيك في موقف أي نائب يمكن أن يحجب الثقة عن حكومة الرزاز، وقد أسر لي صديق بأن هناك محاولات تجري للنيل من مصداقية أي نائب يمكن أن يحجب الثقة وكأن المطلوب هو أن ينصاع المجلس ويمتثل لحكومة غير تمثيلية تم تشكيلها بنفس الآليات التي انتجت كل الأزمات.

لم يسبق أن قام عدد من الأردنيين وبخاصة من أنصار الرزاز - على تواضع عددهم - بتوجيه سهام نقدهم لعدد من النواب لأنهم أعلنوا نيتهم حجب الثقة عن الحكومة، واللافت أن موقف النواب الحاجبين - بصرف النظر عن دوافعهم وبصرف النظر عن رأينا بهم - يتوافق مع مطالب الغالبية الساحقة التي لا تثق بالحكومات.

اعتدنا على انتقاد النواب لعدم ممارستهم لدورهم الرقابي ، انتقدنا النواب لتماهيهم مع السلطة التنفيذية ، انتقدنا النواب لرضوخهم لمراكز القرار الاخرى، انتقدنا نواب العطاءات والصفقات والخدمات واولئك الذين يقايضون ويساومون وينحازون لمصالحهم الشخصية فقط، ولكنها المرة الاولى التي يُنتقد فيها المجلس لانه يمارس دوره الرقابي حقه الدستوري في منح الثقة او حجبها عن الحكومة، هل يعقل هذا؟!

المربك ان هؤلاء الكتاب انفسهم طالما طالبوا بممارسة فعلية للديمقراطية ، تكون الحكومة فيها مسؤولة أمام مجلس نواب، و لطالما اتهموا مجلس النواب بعدم ممارسته لدوره الرقابي!

شخصيا، أتفق مع كل هذه الانتقادات التي توجه عادة لمجلس النواب، لكن عندما ينتفض جزء من المجلس رافضين البقاء في أحضان السلطة التنفيذية فهذا موقف يستحق الاشادة وليس التجريح انتصاراً للرزاز، والأخير بالمناسبة لم يأت للسلطة بانتخابات، وأنصاره أيضا ليسوا ديمقراطيين بدليل خطابهم الذي لا يخلو من التصيد ويصل إلى حد التنمر والتهديد.

بطبيعة الحال، لا أستبعد أن تكون هناك أهداف شخصية وراء استمراء بعض النواب على الحكومة، وقد كتبت وغيري العديد من المقالات التي حمّلت مجلس النواب مسؤولية التدهور، والمجلس بهذا المعنى كان شريكاً للحكومة في الكثير من الأزمات التي أثقلت كاهل المواطن، لكن هذا لا يعني لا من قريب ولا من بعيد أن نقوم بفتح ملفات النواب والتشكيك بهم وبوطنيتهم وبنواياهم لأنهم يحاسبون حكومة، أليس من حق مجلس النواب دستوريا أن يمنح الثقة او يحجبها عن الحكومة؟! لماذا يتم شيطنتهم اليوم ،ألأنهم يمارسون - ربما للمرة الأولى - مسؤولياتهم بنوع من المسؤولية؟!!

ما من شك أن النواب مقصرون بحق مناطقهم الانتخابية، وعادة ما يخذلونها لأنهم ينحازون لمصالحهم، لكننا لسنا بصدد تقييم أداء النواب، بمعنى آخر، إذا أخفق النواب في القيام بواجباتهم وتحمل مسؤولياتهم فهذا لا يعني أن نطلب منهم الانبطاح أمام حكومة عمر الرزاز.

ما يجري يعزز قناعات ترسخت لدي عبر السنوات بأن مشكلة الإصلاح في الأردن تكمن في غياب الديمقراطيين وإن تشدق بعضهم بادعاءات زائفة عن شغفهم وايمانهم بالديمقراطية والليبرالية، ما هي الا اقنعة تخفي وجههم الحقيقي ، فهؤلاء مستبدون اكثر من السلطة التي ينتقدون وهؤلاء لا يقبلون ولا يتفهمون ابدا الرأي الآخر. الديمقراطية يا ساده هي إطار عام لحل الخلافات وحسمها سلميا، إلا أنها عند البعض وسيلة للوصول إلى السلطة وممارسة شتى أنواع الاستبداد والتفرد والاستئثار بالقرار .

الرزاز سيحصل على الثقة حتما ، المهم ان يفهم الرئيس جيدا ان هذه الفزعة الاعلامية لا تغني ولا تسمن من جوع ، فكم هو عدد المرات التي اصطفت هذه الجوقة خلف رئيس اووزير او مسؤول كبير ،وفي كل مرة و دون استثناء واحد فشلوا تماما في حماية وتحصين اولئك الذين اصطفوا معهم ،او بالاحرى اولئك الذين تحالفوا معهم وصولا الى غاياتهم واهدافهم او كما يسمونه (الخلاص الذاتي) .
 
تابعو الأردن 24 على google news