2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

نرى اشجارا ولا نرى غابة

د. حسن البراري
جو 24 :

يشي ما حدث الخميس من تطورات متسارعة ومتلاحقة على غير العادة التي جرت فيها آلية استقالة الحكومات وتكليف رئيس جديد الى ان الانفعال هو ما حكم هذة التطورات وجعلها تأتي في سياق الفعل وردات الفعل لا في سياق خطة وطنية للخروج من المأزق السياسي المتفاقم الذي تمر فيه البلد. 

أخفق عون الخصاونة في مهمات ثلاث كان يراها حيوية، فبدلا من استعادة الولاية العامة خسرها في لعبة صراع مع مراكز قوى قامت بطحنه ودفعه في نهاية الأمر للاستقالة، ولم يتمكن من محاربة الفساد بدليل قيام مجلس النواب بمنع تحويل الملفات الدسمة للقضاء، ولم ينجح في تمرير قوانين عصرية ،لأن البرلمان المتحالف جل اعضاءه مع قوى الشد العكسي،كان له بالمرصاد، لهذا السبب جاءت الاستقالة كاستحقاق لاخفاق لم يعد من الممكن اخفاءه.


هناك من بين الأردنيين من يتندر على رحيل حكومة كان رئيسها يزعم بأنه يحارب الفساد ويسعى للاصلاح وفي الوقت ذاته تم الابقاء على مجلس نواب مطعون بشرعيته وبخاصة بعد أن أمعن بدفن العديد من ملفات الفساد لقاء حصول اعضاءه على امتيازات تقاعدية على حساب دافع الضرائب، المفارقة أن الحكومة الجديدة ستتعامل مع مجلس نواب مجرب وناجح جدا في تعطيل الاصلاح ومحاربة الفساد وهما أمران يريدهما الشارع والملك حسب تصريحاته الكثيرة وخصوصا وهو خارج البلاد.

لكن يبقى المحك الأهم لجدية الدولة في المضي قدما في الاصلاح هو اجراء انتخابات برلمانية نزيهة مع نهاية العام حتى يرفع عن صدور الأردنيين بقاء مجلس نيابي بهذا المستوى وحتى يؤسس لمرحلة سياسية جديدة تنفس الاحتقانات الموجودة في شارع سئم لعبة شراء الوقت وصراع مراكز القوى وتسويف الاصلاح والعمل على الحصول على مكاسب شخصيه، وهنا يمكن الاشارة إلى سيناريوهين اثنين.

ربما لم يعد الوقت يسعف لاجراء انتخابات نيابية مبكرة مع نهاية العام، فالحكومة الجديدة بحاجة لوقت للحصول على الثقة ومن ثم الدخول في سباق مارثوني مع مجلس النواب لسن التشريعات المطلوبة في ظل انتشار حالة من عدم الثقة والترقب واحتمال انفجار الوضع الاقليمي بعد انتهاء المهلة الاسرائيلية لمعالجة الملف الايراني بعد اقل من شهرين.

ويرى اصحاب هذا الاتجاه أن الحكومة بحاجة الى مزيد من الوقت وأنها يجب أن لا تعمل تحت ضغط حتى يتم انجاز ما ينتظره الأردنيون، أما التسريع في الأمر فربما يخلط الاوراق ويكون له ثمن غير محسوب على المدى المنظور.

وهناك اتجاه يرى أن اجراء الانتخابات قبل نهاية العام هو أمر حيوي لوقف التدهور في الثقة الشعبية بالدولة ومؤسساتها، وأن بإمكان الحكومة العمل بسرعة لانجاز التشريعات والعمل على حل مجلس النواب ومن ثم تقديم استقالتها  في شهر تموز على أن تجري الانتخابات بعدها باربعة أشهر ما يعني عمليا اجراء الانتخابات بأواخر شهر نوفمبر المقبل.

الذين ينظرون لسيناريوهات المستقبل يتناسون الصورة العامة وهي أن الشارع لم يعد يأبه بكل هذه التفاصيل، فالنتيجة هي دائما مزيد من الاحتقان ومزيد من فقدان الثقة بمؤسسات الدولة وبخاصة في غياب مفهوم المعارضة البناءة داخل الاطر النيابية وانتقالها للشارع، والمشهد السيريالي بكليته يشي بأن الاستراتيجية الناجزة لغاية الآن هي هيمنة لعبة شراء الوقت، ونخشى أن نستمر في انشغالنا في تفاصيل الغابة واشجارها ولا نرى كيف أن الغابة مشوّهة!.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير