2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأرض والعرض خط أحمر....

أمجد هزاع المجالي
جو 24 :
قبل ما يقارب قرن من الزمان، بايع أجدادنا الهاشميين، وعاهدوهم عهد الرجال للرجال، وصاغوا معاً عقداً اجتماعيا قام على دعامة أساسية تتلخص في أن الملك للهاشميين والحكم للأردنيين وذلك في إطار الشرعية التاريخية للنظام على أسس دينية وقومية، فالأردنيون هم الذين بنوا بدمائهم وعرقهم الكيان الأردني الحديث الذي يرتكز على الدستور والمؤسسات السياسية لبناء دولة العدل والحق والمواطنة والعدالة الاجتماعية بعيداً عن الانتماءات الفرعية سواء كانت جهوية أو إقليمية أو طائفية، في ظل نظام الهاشميين والأردنيين، نيابي، ملكي، وراثي، حيث يتقدم الركن النيابي على الركن الملكي، استنادا للمبدأ الديمقراطي " الأمة مصدر السلطات " وبموجبه تتولى الحكومة إدارة كافة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وتسعى لتحقيق الأماني الوطنية المشروعة، وتكون خادمة للشعب وليس الشعب في خدمتها.

وإذا كان النظام قد صمد حتى اليوم رغم ما واجهه من التحديات والمصاعب، فهو مدين بذلك للعقد الاجتماعي السابق ذكره الذي تواءم بينهما والذي التزم به الطرفان، الحاكم والمحكوم، وايمانا بالتحديث والتطوير وبناء الدولة، كان لابد من ان يضاف للثوابت الوطنية المرونة الممكنة والواقعية المتطورة، فانتمى النظام بقوة الى شعبه وتضامن معه الشعب، فتعززت شرعية النظام التاريخية والدينية وأصبحت وحدة عضوية واحدة لا تنفصل ولا يمكن لأحدها الحياة بدون الأخرى، وبقدر ما كان النظام يتجاوب مع هذه العلاقة ويدعمها ويطورها، بقدر ما كان قادرا على التغلب على التحديات الكبرى التي واجهته، وظلت احداث التاريخ تحصّن هذه الوِحدة، وتصد العاديات، وتدفع الاخطار، وواكب ذلك عملية البناء والتطوير التي اشرف عليها وقادها عمالقة كبار من الوطنيين البناة الأوائل ليتحول الاردن من دولة صغيرة محدودة الامكانات الى دولة ذات شأن وتمثل نموذجاً في التقدم والعطاء والانجاز.

واستمر الحال على حاله بعناصره المترابطة حتى هبط علينا في غفلة من الزمن فريق اقتصادي من النخبة (...) زينوا برامجهم بادعاءات زائفة، تسعى الى خلق واقع جديد يمنع فيه الأردنيين وقوى الشعب عامة والمهتمين بالشأن العام خاصة من الإدلاء باي رأي والمشاركة في صنع القرار وهذه الأعمال يقصد بها ان يكونوا الأردنيون صماً بكماً عمياً اذلّاء خاضعين، وان لا يطالب أحد بحق ما، وان من يرفع صوته يُتهم بتهم ما أنزل بها من سلطان.

لقد تمكن هذا الفريق (...) من الانفراد بتشكيل الحكومات وتقرير برامجها على نحو مخالف للاماني الوطنية والقيم العربية والإسلامية، كما تمكن هذا الفريق من الوصول الى الكثير من مفاصل الدولة، والتحكم بمفاتيح القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد ان حيّد كل القوى السياسية والوطنية العريقة ذات التاريخ الوطني المشرف الذي صنعه الاردنيون والهاشميون معاً. وخلا الجو لهؤلاء المارقين وتمكنوا من توسيع الهوة بين الراعي والرعية غير ان الأيام والأحداث والوقائع

كشفت زيف ألاعيب هذا الفريق (...) والمتآمر، بحيث اصبح استمرارهم يشكل إساءة للهاشميين الذين نعتز بهم وبإرثهم الديني.

 
لقد أمعن هؤلاء المارقون المختبئون تحت عباءة الملك في سياساتهم, فكتموا الأنفاس، ومنعوا الناس من الحديث والاعتراض، وأمعنوا في تدمير هياكل الدولة، وأركان العقد الاجتماعي الذي تواءم بين الشعب مصدر السلطات وبين النظام، تمهيدا للبدء في تنفيذ المخططات والبرامج والمشاريع الدولية التي تصب بالتالي في مشروع سايكس بيكو جديد يسعى الى تفكيك دول الإقليم العربية وإعادة هيكلتها بشكل يخدم مصالح الأجنبي ويصب في خدمة صفقة القرن التي تسعى الى إغلاق الملف الفلسطيني نهائيا، والغاء حق العودة، والغاء مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والضغط على المجتمع الدولي للاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية تمهيدا لتهجير عرب1948.

لقد افضت سياساتهم الداخلية الى فكفكة مؤسسات الدولة ، وتهميش الحكومات ، والغاء الدور الرقابي والحسابي لمجلس الأمة (...)، والتمرد على قيم واخلاق المجتمع، ونشر ثقافة الدعارة والتي تمثلت مؤخرا باحتفالات التلال السبعة التي تخللها عروض فاجرة شوهت صورة شرعيتنا الدينية، ومهدت لاستبدال قيمنا بقيم غريبة، وبدأوا العمل على تحويل المملكة من كيان وطني الى كيان اقتصادي أو منطقة حرة يتم في إطارها تذويب كل الهويات المتواجدة على ارضنا، ناهيك عن السياسات الاقتصادية المدمرة التي ساهمت في نشر الفساد المقونن، واعتماد سياسة الجباية، ولغة الرفع، رفع الأسعار ورفع الجمارك ورفع الرسوم ورفع الضرائب والتي بموجبها كلّف السيد الرزاز بتشكيل الحكومة بغرض الإجهاز على ما تبقى في الخزينة وجيوب الناس.

لقد تحمل الاردنيون ضنك الحياة والجوع الذي ذهب بلحمهم وشحمهم ولَم يبقى سوى العظم الذي هم مستعدون للتضحية به في سبيل الوطن، غير انهم الان وبعد ان اكتشفوا الحقيقة نفذ صبرهم وأصبحوا غير مستعدين لتقديم المزيد من التضحيات خوفا من تسهيل مهمة الفاسدين في سلب وسرقة مقدرات الوطن والاعتداء على خزينة الدولة في وضح النهار دون اَي حياء أو وجل، أو تنفيذ أوامر مقاطيع لا أصل لهم ولا فصل ولا انتماء همهم صناعة مستقبل مظلم لهذا الوطن.

والحقيقة نقول اننا نكتب هذه السطور ونحن في حالة غضب، ولا ناسف على ذلك، فمن لا يغضب لا يحيا، ومن لا يتفجر غضبا لنصرة الفقراء والمظلومين والغلابة ونصرة الوطن فهو إنسان لا يستحق الحياة، مع التأكيد ان من اهم المرتكزات التي تدفعنا لكتابة هذا البيان بكل صراحة ووضوح لا يقبل التأويل، هو اننا نرى الوطن يضيع من بين أيدينا بعد ان تمكن هذا الفريق الضال من بيع مقدرات الوطن تحت عناوين مختلفة منها الاستثمار، والتنمية، والخصخصة، والعولمة، واليوم بلغت بهم الوقاحة بإعداد العدة لبيع اعظم ما نملك وهي ارض الخزينة بمجملها التي تشكل نسبة 72 بالمئة من أراضي المملكة بدليل تحويل ملكية الاراضي من الخزينة الى قيادة الجيش العربي لأسباب لا نستطيع ان نؤكدها، غير ان تجاربنا السابقة مع التحويلات الى قيادة الجيش افضت الى بيع أراضي معسكرات الزرقاء، وأراضي العبدلي، وأراضي دابوق، وللتوضيح فان حكومة تصريف الاعمال قد قامت بموجب الكتاب رقم 15 / 6 / 1 / 2017 والمتعلق بالتعميم المتضمن تسجيل جميع أراضي خزينة المملكة الاردنية والمخصصة للقيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية - الجيش العربي مهما كان نوعها سواء حراج أو غيرها، ممسوحة أو غير ممسوحة، وفِي كافة مديريات التسجيل باسم القيادة العامة للقوات المسلحة - الجيش العربي - بما فيها مناطق التدريب والشريط الحدودي بعرض ( 2 ) كم ، والعمل غلى استخدام رقم الكود ( 4 / 368 / 401 عند تنفيذ ذلك على النظام وهذا يؤكد ان وراء الأكمة ما وراءها. وعلى هامش هذا التحويل أستطيع ان أؤكد ان عائدات البيع لن تصب في صالح الجيش العربي درعنا وسياجنا.

‎اننا ونحن نعتبر الارض والعرض خطان أحمران لا يجوز الاعتداء عليهما فنحن ندين حالة الانحلال الخلقي التي أخذت تغزو ارضنا الطاهرة والمقدَّسة، كما نعتبر ان اَي تفريط في ارض الخزينة هي مخالفة صريحة للقوانين، والدستور، كما نعتبرها مسا صريحا بأحد شروط العقد الاجتماعي الذي نص على ان ارض الردن للأردنيين وستبقى للأردنيين أمانة في اعناقهم للأبناء والأحفاد، فالحذر الحذر لكل المتآمرين على وجودنا فالأرض هي عنوان الهوية والكيان والعزة والكرامة.
 

‎ولذلك فنحن نعتبر ان كل الكتب الصادرة بغير حق لتسجيل أراضي الخزينة باسم قيادة الجيش العربي عمل غير شرعي ويجب ابطاله حتى لا يتم بيع مقدرات الوطن، ومن هنا فالأمر يتطلب موقف جريء تشارك فيه كل القوى لتفرض على لوبيات الفساد اعادة تسجيل هذه الاملاك باسم خزينة الدولة والتأكيد على ان التصرف بأراضينا يدخل في دائرة الخيانة العظمى والمحرمات.
 

‎ وختاما نقول:

‎ان الهم الوطني عند شعبنا مقدم على الخبز رغم الفقر المدقع الذي يعيشه الأردنيون، والشعب يلتف عادة حول القيادات الوطنية الصلبة ونحن اقوياء بحقنا، والساكت عن الحق شيطان اخرس، وسيبقى النصر للعدل أبدا، والبقاء للحق سرمدا، وان ما ينفع الناس فيمكث في الارض..

 

* الكاتب العضو المؤسس لحزب الجبهة الأردنية الموحدة

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير