«إكرامية» الخطباء!!
في النظام الاداري بجميع المؤسسات بالدولة الأردنية لا يوجد مصطلح اسمه «إكرامية»، فهناك مرادفات مثل «مكافأة» والتي درج استخدامها في النظام الاداري خاصة عندما يتعلق الأمر بالموظفين وشؤونهم، على أن كلمة «إكرامية» تقترب من معنى «اعطية» وتقدم من شخص كريم الى آخر هو بحاجة هذه الـ»اعطية»، فبرغم حسن قوامها اللغوي الا أنها مصبوغة اجتماعيا بمعنى سلبي.
«الإكرامية» تقدم كهبة من شخص أو جهة كريمة لآخر عن جهد غير مستحق، في حين أن المكافأة تقدم لشخص أجاد وأنجز عمله بشكل يستحق عليه أكثر من أجره، وبالتالي فان استمرار مجلس الوعظ والارشاد باستخدام هذه الكلمة يخالف من جهة الأنظمة الادارية في الدولة الأردنية، ومن جهة أخرى يربط شريحة محترمة من شرائح المجتمع بمفهوم الحاجة الى المنة والصدقة، وهو أمر غير صحيح، ولا يجوز أن يكون كذلك.
في هذا الجانب، اقترح أن يتم تغيير الكلمة الى «مكافأة» على الأقل، خاصة وأننا نتكلم عن أشخاص يعتلون المنابر أيام الجمعة ويحملون أعلى الدرجات العلمية دكتوراه وماجستير وغيرها، وفي أغلب الأحيان يكونون من أعضاء الهيئات التدريسية في كليات الشريعة بالجامعات الأردنية، وبالتالي من الأفضل أن نقول بأنهم يتقاضون مكافآت وليس «إكراميات».
واعتقد أن وقف استخدام هذا المصطلح، ينسجم مع الهدف المعلن لمجلس الوعظ والإرشاد، من رفع قيمة المكافأة، بغض النظر عن قيمتها، للخطباء، الا وهي «تقدير الجهود التي يبذلونها لتمكينهم من القيام برسالتهم الدعوية للمصلين»، وأن يجعل الخطيب أو الإمام «قادرا على إحداث حالة من التطوير الذاتي»، فكيف يكون هناك تطوير وتقدير للجهود في ظل الحديث عن «إكراميات».
في الجانب الآخر من قرارات مجلس الوعظ والارشاد، نتمنى أن يعاد النظر بالخطباء ممن لا يحملون مؤهلا علميا في أي من مجالات الشريعة الإسلامية، حتى يعتلي المنابر من هو أهل لها، فحقيقة أن هناك تفاوتا واضحا في مستوى الخطباء أمر لا يمكن إغفاله، وهو يعود بشكل رئيسي الى مدى التأهيل العلمي والعملي للخطباء تحديدا، حتى نضمن خطابا دعويا حقيقيا نابعا من الفهم الحقيقي للشريعة الاسلامية السمحاء.
لا نريد أن ندخل في نقاش حول المسموح والممنوع طرحه في خطب الجمعة، ذلك أن الخطيب المؤهل والقادر يستطيع طرح أية قضية تهم المجتمع في إطار من الموضوعية القائم عليها ديننا السمح، دون تهويل أو شطط، لكن الاستسهال أحيانا واللجوء الى طرح قضايا سطحية في خطب الجمعة، يمكن أن يؤدي الى هجران البعض الخطاب المعتدل والحقيقي للدين الاسلامي الى خطاب متطرف كرد فعل عكسي، وهنا تكمن الخطورة على شبابنا.
لا شك أن مسألة اعادة النظر بمستوى الخطباء ممن يعتلون منابر يوم الجمعة مسألة هامة، بحيث يكون الخطيب على مستوى عال من التأهيل وقادر على استيعاب تطورات الحياة العامة ويقدم خطابا دينيا يمزج بين قضايا الشعب والأمة، ويحترم عقلية الحضور من المصلين الذي يشكلون أغلب فئات المجتمع وجلهم من المتعلمين على أعلى مستوى، فالالتزام بعنوان الخطبة الذي تقرره وزارة الأوقاف لا يعني خطيبا يقرأ من ورقة.