الحكومة شريكة المواطن في الغنم فقط!
نجت الحكومة بنفسها، من الارتفاع المضطرد لأسعار المحروقات عالميا، لتترك المواطن في مواجهة جنون هذا المؤشر الذي من المتوقع أن يزداد جنونا خلال الأشهر المقبلة، وقد استطاعت ان تصل الى صيغة تمكنها من الهروب بالتفكير بفرض ضريبة مقطوعة على أسعار المحروقات، بدلا من التفكير في حماية المواطن وليس موازنتها.
الضريبة «المقطوعة» التي تفكر الحكومة بفرضها على أسعار المحروقات، ببساطة تهدف الى تثبيت حصة الموازنة من عوائد المحروقات، وعدم تأرجحها ارتفاعا أو انخفاضا، والانخفاض الحقيقي مسألة صعبة المنال في ظل الظروف العالمية الحالية.
وفي ظل التوقعات باستمرار ارتفاع أسعار النفط عالميا وعدم وجود أي دليل مستقبلي على انخفاضها، فان الحكومة تهدف بشكل واضح الى ضمان قيمة محددة سنويا من عوائد المحروقات بعد أن وصلت نسبة الضريبة الحكومية المفروضة على هذه السلع الى أرقام هي من الأعلى عالميا تبدأ من 26 % تقريبا الى نحو 58 %.
وفق الأرقام المسربة عبر وسائل الإعلام، فإن قيمة الضريبة الحكومية المتوقعة على سعر تنكة البنزين 90 البالغ 16.5 دينار ستصل الى 7 دنانير و72 قرشا، وعلى سعر تنكة البنزين 95 نحو 12 دينارا، وستتقاضى الحكومة ضريبة على سعر تنكة مادتي الديزل والكاز البالغ 12.5 دينار مبلغ 3 دنانير و20 قرشا.
وانطلاقا من هذا القرار، تستطيع الحكومة ان تحسب عوائدها من المحروقات المباعة للمواطن استنادا الى مؤشر الكميات المباعة في السوق عن كل عام وهو المؤشر الجديد الذي ستحتكم اليه الحكومة من الآن وصاعدا، بدلا من مؤشر أسعار النفط عالميا، وتترك هذا المؤشر ليتحكم بالمواطن ومعيشته بعيدا عن جيوبها.
المحزن في طريقة التفكير هذه، أن الحكومة تفكر بموازنتها ونفسها، كما فكرت حكومات سابقة بسد عجز موازناتها من فرض ضرائب مضافة بشكل عشوائي ساهم في الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الأردن عبر زيادة أرقام التضخم، وضرب القطاعات الصناعية والتجارية، ما انعكس بالتالي على المستوى المعيشي للمواطن.
كان الأجدى بالحكومة أن تفكير مليا بدراسة السيناريوهات المتوقعة لارتفاع أسعار النفط عالميا بشكل علمي، ووضع خطط لمواجهة أي رفع تصاعدي للمحروقات على الخزينة والمواطن معا، لا ان تفكر في الهروب لوحدها ووضع المواطن في مواجهة مستقبلية مع سعر النفط في العالم، دون أدنى مسؤولية منها.
تثبيت نسبة الضريبة الحكومية على أسعار المحروقات، قد لا يتضح أثره حاليا لأنها مساوية تقريبا للضريبة المفروضة حاليا على تلك السلع، لكنها بالضرورة ستكون جلية في أثرها على المواطن وحده، كما حصل عندما أقرت حكومة الدكتور عبدالله النسور بند فرق المحروقات على الكهرباء في حال تجاوز سعر برميل النفط عالميا 55 دولارا، فلم ينتبه أحد وقتها، لكن الجميع يشعر الآن.
ببساطة اذا وصل برميل النفط عالميا الى 150 دولارا، فان المتأثر الوحيد هو المواطن أما أرباح الحكومة ستبقى كما هي، فالحكومة لم تعد شريكة المواطن في الغنم والغرم وانما في الغنم فقط.